يجمع المراقبون على أن العام المنقضي كان العام الاصعب على المملكة العربية السعودية كيف لا وهو العام الذي وجدت فيها المملكة نفسها مجبرة لخوض حرب على اكثر من واجهة خارجية وداخلية من الحرب على الارهاب الى مواجهة المطامع الايرانية في المنطقة والى العجز الكبير في ميزانية الدولة. لكن هذه الصعوبات والتحديات كشفت وجه السعودية الجديد وصرامتها في التعامل مع الازمات الاقليمية والداخلية ولعل الامير محمد بن سلمان خير عنوان لهذا الوجه الجديد.
الصحيفة الفرنسية لو بوان خصصت مساحة كبيرة لقراءة السياسة الخارجية والداخلية للملكة العربية السعودية والوجه الجديد الذي ظهرت به المملكة منذ تولي الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم .التغيير الجذري في سياسة المملكة بدا وضحا اكثر من خلال صورة الامير وولي ولي العهد محمد بن سلمان الذي ظهر شابا في كامل عنفوانه وقوته بابتسامة ملائكية وكوفيته الحمراء التي تنزل على ثوبه الداكن ومن قراراته السريعة والحاسمة والتي انطلقت بقيادة تحالف اسلامي ضد الارهاب وكان تلك الفرصة مناسبة ليظهر الامير بكل قوته وفصاحته وخطابته حين قال " العالم الاسلامي سيحارب الارهاب وسيكون شريكا للمجتمع الدولي في هذه الحرب" .
واستطاع الامير محمد بن سلمان ان يجمع في تحالفه 34 دولة اسلامية اكد بان تحالفها " ليس فقط لمحاربة داعش بل لمحاربة كل التنظيمات الارهابية التي تهدد المنطقة من مالي حتى افغانستان" . حزم الامير محمد بن سلمان بدا جليا اكثر من خلال قيادته ل " عاصفة الحزم" التي استهدفت الحوثيين المواليين في ايران والذين كانوا يحاولون افتكاك السلطة بالقوة حينها.
وبالعودة الى هذه الثقة الكبيرة التي يمتلكها الامير محمد بن سلمان فلا يمكن اغفال قربه من والده الملك فقد كان يرافقه منذ سن الثانية عشر في كل تنقلاته ليعين سنة 2009 " مستشارا خاصا للملك " حيث يقول دافيد ريجوليه الخبير في شؤون المملكة في المعهد الفرنسي للدراسات الاستراتيجية " كان دائما بجانبه يستلهم منه حسن التسيير وكأنه يأخذ من طريقة تعامله ملاحظات للاستفادة منها في المستقبل " ثقة متبادلة حتى ان احد الديبلوماسيين يقول " اذا اردت مقابلة الملك فيجب عليك المرور حتما بولي ولي العهد محمد بن سلمان"
السياسة الخارجية للملكة مع الامير محمد بن سلمان كانت واضحة المعالم وظهرت اكثر حين تحول الى موسكو لقيادة حوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خصوص الازمة السورية يقول احد الديبلوماسيين " السياسة الخارجية للملكة العربية السعودية وفي ظل الغموض الكبير للموقف الامريكي في المنطقة كانت نشيطة وفعالة "
ورغم دخول المملكة في حرب على واجهتين الا انه محمد بن سلمان اظهر جسارة وقوة وحكمة كبيرة في التعامل مع الخطر الارهابي الذي بدا يفتك بالمنطقة وكذلك في الرد بكل حزم على التدخل الايراني في المنطقة وخاصة في اليمن.حتى ان الديبلوماسيين قال في وصف نشاطه وقوته " يتمتع بقوة كبيرة وهو كذلك طموح تخال انه نيكولا ساركوزي لكنه محمد بن سلمان المتحدي لكل العواقب "
بدون تسرع لم يترك الامير محمد بن سلمان اي وقت ضائع واطلق في المملكة مشروعا رائدا وتاريخيا لمواجهة انخفاض اسعار النفط والعجز الكبير الذي شهدته ميزانية المملكة والذي يرتكز على مجموعة من الاصلاحات الاقتصادية . اصلاحات ورغم قساوتها إلا انها جعلت السعوديين يثمنون ويحيون هذه الخطوة الجريئة من هذا الامير الشاب.