يجمع المراقبون على ان الصراع التاريخي بين السعودية وإيران قد وصل الى مرحلة تكتسي خطورة كبيرة على مستقبل الاستقرار في المنطقة . وفي ظل غياب افق للحلول الديبلوماسية والحوار لا يستبعد المتابعون للاحداث بان تكون عواقب الازمة الحالية وخيمة جدا.
يرى برنارد هيكل أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة برينستون في مقال تحليلي نشر بموقع قنطرة أن انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران يعتبر نقطة تحول خطيرة في منطقة غير مستقرة تمزقها الحرب بالفعل. ويشدد على أنه من دون تدخل خارجي من أجل جلب البلدين إلى طاولة المفاوضات فإن تنافسهما سوف يعرقل الجهود الساعية لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.
رغم ان الصراع بين السعودية وايران ضارب في التاريخ الا ان الرد السعودي على حشر ايران لانفها في الشؤون العربية حتى بداية هذا القرن كان فاترا فلقد سعت دعم قضايا التحرر الإسلامي في الخارج وخاصة في أفغانستان والبوسنة ولكن في العقود الأخيرة زادت سخونة الحرب الباردة بين القوتين الإقليميتين.
بعد أن أدى غزو العراق سنة 2003 إلى تشكيل حكومة يهمين عليها الشيعة في بغداد، شعر حكام السعودية بالخطر وهم يشاهدون إيران توسع نفوذها عبر الشرق الأوسط، وفي سنة 2014 قام الحوثيون الشيعة الموالين لإيران- بغزو عاصمة اليمن وفي القصور الملكية في الرياض بدا وكأن احتمالية حصول انتفاضات بدعم إيراني في البحرين –أو في السعودية نفسها- هي احتمالية معقولة بشكل ينذر بالخطر.
بلغت الأمور ذروتها سنة 2015 عندما توصلت الولايات المتحدة الإمريكية الاتفاق النووي مع إيران حيث تم الاتفاق على رفع العقوبات الاقتصادية مع السماح لها بالاحتفاظ بنفوذها الإقليمي. ومع وجود حلفاء لإيران أو وكلاء لها ينشطون في سوريا والعراق ولبنان واليمن شعر القادة السعوديون بشكل متزايد بأنهم محاصرون. ومنذ أن تولى سلمان بن عبد العزيز آل سعود مقاليد الحكم في يناير 2015 فإن هدف المملكة الاستراتيجي الرئيسي أصبح الحد من النفوذ الإيراني سواء بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية أو بدون مساعدتها.
لتتحول سوريا واليمن إلى مستنقع صراع بين البلدين.ففي اليمن شنت السعودية وحلفاءها السّنة حملة عسكرية في مارس 2015 وصلت بسرعة لطريق مسدود مع المقاتلون الحوثيين المواليين لإيران والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح دخلوا في قتال ضد قوة من اليمنيين الجنوبيين المدعومين من القوات الجوية والقوات الخاصة السعودية والإمارتية. لقد انهارت المفاوضات لحل الصراع وفي غياب غزو واسع النطاق-وهي احتمالية غير واردة نظرا لاحتمالية وقوع الكثير من الضحايا- فإن من شبه المؤكد أن الحرب ستطول.
على المدى القصير استفاد حكام السعودية من الرد الإيراني حيث تمكن هؤلاء من حشد السنة في المملكة وخارجها وإسكات معارضيهم الجهاديين، ولكن بدون وجود تدخل خارجي من أجل جلب البلدين إلى طاولة المفاوضات فإن تنافسهما سوف يعرقل الجهود الساعية لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط ويمكن أن يؤدي إلى المزيد من التصعيد مما سوف يجعل الوضع الإقليمي السيء أسوأ بكثير.