الرياض - تبلغ مساحة إمارة الأحواز أو عربستان (370.000 كم مربع) لكن الحكومة الإيرانية اقتطعت منذ عام 1936 تحت ستار إجراء التنظيمات الإدارية الحديثة، مساحات من أراضي الأحواز وضمتها إلى ولايات أخرى مجاورة، بهدف تقليص مساحة الإمارة العربية، وتحطيم أواصر الوحدة بين أجزائه.
والمساحات المقتطعة تساوي (25.400 كم مربع) وبهذا تقلصت مساحة الأحواز الكلية إلى (344.600 كم مربع) أما عدد السكان في الأحواز فالواقع لا توجد إحصائية دقيقة ومحايدة عن سكان الأحواز لأسباب سياسية وأمنية إيرانية. ولكن توجد بعض الإحصائيات غير الرسمية، وبعض التقديرات تقول إن عدد الأحوازيين ما بين ثمانية ملايين واثني عشر مليون نسمة في كامل جغرافية الأحواز التي تبلغ 375000 كيلو متر مربع.
والأحواز غنية جدًا بالنفط والغاز (أكثر من 88% من النفط، و100% من الغاز ومشتقاته من مجموع إنتتاج إيران) والمعادن (الحديد والفولاذ) والاسمنت والجوجرد والملح. وتشير بعض التقديرات إلى أن الاحتياطي النفطي في الأحواز يبلغ مئة وثلاثة وثمانين مليار برميل. هذا بالإضافة إلى موارد مائية وزراعية وسمكية وثروة حيوانية كبيرة وقدرات سياحية.
أما وضع عرب الأحواز فهو يشكل وضعًا مأسويًا لا يقره دين ولا أنظمة ولا قوانين وقرارات دولية. وقد شبه أحدهم أن ثمانية ملايين عربي في الأحواز كالمساجين، فليس لهم تمثيل في مجلس الشورى الإيراني. ولا يتمتعون بحرية لغوية أو اجتماعية. والتنمية في بلدهم هي الأقل مقارنة بالمحافظات الأخرى. فضلاً عن أن السلطات الإيرانية استمرت منذ ضم الإمارة في اتباع خطتين: الأولى التهجير القسري السكاني وجلب اثنيات غير عربية ومنحهم الأرضي الزراعية والمساكن. والخطة الثانية هي تجويع السكان العرب، تجويعاً مبرمجاً من أجل كسر إرادتهم. والأخير طبقته إيران في بلدة مضايا السورية منذ شهر.
والسؤال كيف تتحرر الأحواز من الاستعمار الفارسي وتعود إلى حضنها العربي. هذا سؤال يطرحه الناس وكأنه السؤال الصعب. والواقع أن البداية تكمن في إبراز قضية الأحواز على الصعيد العربي أولاً. وأن تكون قضية الأحوازيين مثل قضية الفلسطينيين. فهما قضيتان متشابهتان. علينا أن نجعل قضية الأحواز لا تغيب عن أذهان المواطن العربي في كل مكان: في التعليم والإعلام والثقافة وغيرها. كذلك إبراز هذه القضية على الصعيد الدولي، في كل المحافل السياسية والدبلوماسية. وتسخير كافة الطاقات الإعلامية لتسليط الضوء على بشاعة وحقد النظام الإيراني الصفوي وإظهار المذابح والمجازر الوحشية التي قام بها النظام الصفوي.
في ظني أن جامعة الدول العربية مسؤولة عن وضع الأحوازيين الإنساني. ولا أجد سبباً مقنعاً لإهمال هذا البلد وهذا الشعب العربي. وهناك من يردد مقولات غير صحيحة، ولكن ترديدها دون وعي يجعلها مثل الصحيحة. من ذلك أن الأحوازيين لم يقوموا بما يكفي لإشعار العالم بمأساتهم. الصحيح أن الشعب الأحوازي بدأ المقاومة بعد ستة أشهر من احتلال الأحواز عام 1925 حيث قامت ثورة الغلمان (اسم يُطلق على حرس الشيخ خزعل أمير الأحواز) ثم توالت الثورات وبلغت 15 ثورة. وفوق ذلك لا زال شباب العرب في الأحواز ينضمون لمنظمات وجمعيات تحريرية، وهي تعمل من خارج إيران، لكن لها وجود على الأرض، رغم قساوة حرس الثورة الإيراني أو الباستيج لقمع كل بادرة أو ثورة عربية أحوازية.
ومن المقولات أن الشعب الأحوازي لم يؤسس لحركات تحرر وطني معروفة. وهذا غير صحيح فقد أسس الأحوازيون عدة حركات وجبهات عسكرية للتحرر الوطني من الاستعمال الفارسي منها: جبهة تحرير عربستان، والمنظمة الإسلامية السنية الأهوازية، والحزب الديمقراطي الأهوازي، وحركة النضال العربي لتحرير الأهواز، والجبهة الشعبية لتحرير الأهواز، والجبهة الديمقراطية الشعبية الأهوازية، وحزب التضامن الديمقراطي، ومنظمة تحرير الأهواز
ومن المقولات أن الشعب الأحوازي انضم إلى الجيش الإيراني خلال الحرب العراقية الإيرانية. وهذا غير صحيح. لقد جُند الشباب الأحوازي بالقوة، ولكن طهران لا تثق بهم، لذا جعلتهم غطاء لقواتها وفي الصفوف الأولى. ومنهم من عمل بالسخرة في خطوط القتال الخلفية في أعمال لا يقرها دين أو عقل.
لو تلقى الأحوازيون المساعدات، خصوصاً المالية - لأن أغلبهم يعيش تحت خط الفقر، بينما بلدهم تمد طهران بمليارات الدولارات – لتغّيرت أمور كثيرة. لابد من خطة عربية واسعة لدعم الأحوازيين على الأقل في المرحلة الأولى. أما المراحل الأخرى فتشمل جعل القضية الأحوازية حاضرة في المجالس والهيئات العربية والدولية، واستقبال ممثلين عن حركات التحرر الأحوازي.
وفوق هذا لابد من ترسيخ قضية الأحواز، وأنها لا تقل أهمية عن قضية احتلال أي دولة عربية. لقد حزم العرب أمرهم وعرفوا جبروت النظام الفارسي الذي ينشط في الكذب والخداع، وبالتالي آن الأوان لدعم حركة التحرر الأهوازي من نظام ظالم، وهو نظام هش قابل للسقوط في أي وقت، ذلك أن الشعوب الإيرانية قاطبة شعوب محتقنة وترفض سياسة التسلط الفارسي التي يمارسها آيات طهران.