الرياض - الاختراقات العسكرية التي تحصّل عليها الجيش اليمني والمقاومة بالتعاون مع قيادة التحالف، أسفرت عن مكاسب كبيرة تمثلت في تقدم واضح في نهم وأرحب وتضييق الخناق على الانقلابيين الحوثيين وأتباع المخلوع علي عبدالله صالح، وهو أمر يعني عملياً أن القتال أصبح فعلياً في صنعاء، إذ إن هاتين المحافظتين تتبعان العاصمة اليمنية إدارياً.
حدث ذلك التقدم النوعي بجهود بُذلت من قبل الشرعية والتحالف، تمثّلت في جهد عسكري وغير عسكري؛ لا شك أنه كان شاقاً، لكنه يبعث بإشارة ورسالة واضحتين على مقدار الثقة التي تحظى بها الشرعية والتحالف؛ ما حفّز بعض القبائل اليمنية المحيطة بصنعاء الوقوف في صف الجيش اليمني في وجه الانقلابيين، ويتبقى بعض القبائل ذات التأثير والثقل السياسي، فجزء كبير من فهم الوضع السياسي في اليمن مرتبط بشكل رئيسي بفهم وتفهّم الوضع الاجتماعي المعقّد هناك.
لا شك أن الطريق إلى العاصمة صنعاء على الرغم من قِصرها -إذ لا تبعد القوات اليمنية عن القصر الجمهوري في العاصمة إلا (54 كلم)- ليست باليسيرة ولا تُقاس بالمسافة؛ بل يستوجب ذلك جهداً عملياتياً وتنسيقاً دقيقاً، لاسيما أن قوات الشرعية والمقاومة وكذلك التحالف يتوخّون الحذر في تنفيذ عملياتهم العسكرية، وتحديداً من جهة عدم وقوع ضحايا لا علاقة لهم بالحاصل اليوم في مشهد الأزمة اليمنية التي تسبب فيها الحوثيون وصالح، والذين لم يتورّعوا في حصار تعز أو قصف بعض المناطق عشوائياً لترهيب المواطنين اليمنيين، وزيادة معاناتهم..
وإمعاناً في أذية المواطن اليمني وإلحاق الضرر به على المدى البعيد قامت المليشيات بنشر ألغام بشكل عشوائي ليس من أجل تعطيل التحركات العسكرية وإلحاق الأذى بها فقط -فمن المعروف أن السير العسكري مرهون بمسوحات دقيقة تتم قبل التحرك- بل ما يحصل أن تلك الألغام تظل في الأرض لسنوات لتنفجر لاحقاً نتيجة المشي عليها أو التعرض لها، كما نسمع في بعض المناطق الساخنة في أفغانستان أو دول أخرى.. في مقابل ذلك تم إقرار خطط إغاثة من قبل المملكة والإمارات للقيام بتأهيل وتطوير بعض المرافق الخدمية والإنسانية في المناطق المحررة، لمساعدة المتضررين، وكذلك إعادة الحياة إلى طبيعتها.
في هذه الأثناء من الضروري التذكير بأن الحل السياسي مازال مطروحاً على الطاولة.. في حين أن جهود المبعوث الدولي لاتزال تراوح مكانها في ظل تعنّت الحوثيين الذين لم يجدوا حتى الآن حزماً دولياً من أجل تنفيذ القرار (2216) المدرج تحت الفصل السابع وصوّت له مجلس الأمن دون اعتراض سوى من روسيا التي امتنعت عن التصويت، إلا أن بالإمكان ممارسة ضغوط على بعض الدول الإقليمية التي تقف وراء إذكاء الفتنة في اليمن، وأسهمت بشكل مباشر في ما وصلت إليه الأوضاع.