الرياض - ليس سراً أن أقول.. إن إدراك معظم الدول العربية والإسلامية لحجم الأخطار المحتملة على دولها وضد حقوق ومصالح شعوبها قد بلغ الآن الذروة.. وإن تعرضها منفردة أو مجتمعة للاجتياح بات وشيكاً – إذا هي لم تتحرك فوراً - سواء من قبل الدول ذات الأطماع المتزايدة أو من قبل التنظيمات الإرهابية المتوالدة بصورة لافتة للنظر ومثيرة للشكوك حول نوايا من يصنعونها لتحقيق أجندات واستراتيجيات بالغة الخطورة على الجميع.. وإنه لم يعد أمامها من خيار سوى التأهب والاستعداد بأعلى جاهزية عسكرية.. وأمنية.. ونفسية.. واقتصادية.. وإعلامية.. وفكرية.. ذلك أن زمن الرخاء والاسترخاء قد ولىَّ.. وأن حشد كافة الطاقات في اتجاه المواجهة مع الأعداء أصبح يشكل ضرورة قصوى.. وحتمية فورية.. في ظل أي حسابات واقعية لما يجري أمامنا ويدور..
ودعوني أكن صريحاً بعض الشيء فأقول:
إن دخول روسيا بهذا الثقل إلى سورية.. دون أدنى ردة فعل أميركية.. أو أوروبية.. أو أممية.. واستهدافها للشعب السوري ومقاومته الباسلة.. وتواطؤها هي والسلطة في دمشق مع التنظيمات الإرهابية وتأمينها.. قد فتح عيوننا جميعا إلى أن هناك مؤامرة كبرى تستهدف الوجود العربي (اليوم) والإسلامي (غداً). يحدث هذا في الوقت الذي تسجل فيه الولايات المتحدة مزيداً من التراخي.. والتراجع.. وعدم الوفاء بالكثير من الالتزامات والاتفاقات المبرمة معها للحفاظ على منطقتنا بعيداً عن التهديدات..
ثم إن الابتزاز الروسي – مع كل أسف – بلغ إلى حد التهديد اليومي بتسليم منظومة صواريخ (S300) لإيران، كما بلغ حد الاستفزاز لشعوبنا.. ودولنا.. في الوقت الذي لا تتوقف فيه التهديدات الإيرانية المباشرة للجميع بأكثر من صورة انطلاقاً من الأراضي السورية.. ومن الوجود الكبير في العراق.. ومن الهيمنة على القرار اللبناني عبر مليشيات (حزب الله).. بالإضافة إلى تغذيتهما (روسيا وإيران) للتنظيمات الإرهابية بكل أشكال الدعم لإحداث أكبر حالة فوضى في المنطقة بممارسة المزيد من الأعمال الإرهابية المتزايدة.. كل ذلك يحدث أمامنا وأمام العالم.. فهل كان علينا أن ننتظر حتى تدخل جيوشهم إلى بلداننا.. وتستبيح طائراتهم أجواءنا.. ويتفشى الإرهابيون الذين صنعوهم في داخل أوطاننا؟!
لقد تحركت الدول العربية والإسلامية العشرين التي تجتمع جيوشها الآن في حفر الباطن لإجراء أكبر مناورة عسكرية في تاريخ المنطقة تأكيداً لقدرة هذه الدول على ردع أي عدوان بقيادة المملكة وتضافر جهود الدول المشاركة الآن في "رعد الشمال" بدءاً من الرابع عشر من شهر فبراير الحالي وانتهاء بالعاشر من شهر مارس القادم.. هذه المناورة الكبرى.. وفي هذا الوقت بالذات لا تمثل استعراضاً للقوة بقدر ما تجسد إرادة العمل المشترك الذي دفعنا إليه الأعداء لكي ندافع عن أنفسنا.. ونحمي أوطاننا ونقوي جيوشنا.. ونكسبها المزيد من الخبرة والممارسة والاستفادة من قدراتها التسليحية الهائلة.. وإبعاد كل الأخطار عن ديارنا..
ونحن كشعوب.. نثق كل الثقة في أبطالنا الذين يتحملون الآن مسؤولية عظيمة.. لحماية أوطاننا.. وإيقاف الأعداء والطامعين عند حدهم.. بالمزيد من التضحية التي لم يعد أمامنا خيار آخر عنها.. وفق الله كل ضابط وجندي ونصرهم على كل الأعداء سواء أجاؤونا من داخل منطقتنا أو من خارجها.. وأعان دولنا على الاضطلاع بمسؤولياتها في حماية الأوطان.. وعزز جهودها بوقفات الشعوب المؤمنة بحقها في الدفاع عن نفسها.. وتحمل كل التبعات المترتبة على تأمين سلامتها..
ضمير مستتر: لا مستقبل لدول وشعوب.. لا تحمي نفسها.. ولا تموت في سبيل حماية أوطانها..