الرياض - يمتلك الشعب الإيراني كل الأسباب التي ترشحه أن يكون شعباً متقدماً مساهماً في الحضارة الحديثة. ماض عريق وموقع جيوسياسي مهم وثروات طبيعية، لا ينقصه إلا قيادة بشرية. لم ألتقِ إيرانياً في بلاد الغرب راضياً عن حكومته أو متناغماً معها ومع توجهاته الدينية. الإيراني الذي لم يغادر إيران إما أن يكون صاحب مصلحة أو لم يجد إلى الهجرة سبيلاً.
من قرأ التاريخ الحديث سيعرف كثيراً من الحقائق والمصير الذي ينتظر الملالي الإيرانيين. أولها وأهمها أن البشر يخدعون بالأيدلوجيا جيلاً أو جيلين لكن الأيدلوجيا تنتهي عندما تصير على المحك. يتأكد الإنسان أن اليوتوبيا أو الذهاب إلى الجنة لا يحتاج إلى وكالة حكومية تحدد وتفرض على الناس ممارسة الطقوس الدينية بالقوة. سيكتشف الناس أن الكلام والوعود شيء والعمل على أرض الواقع شيء آخر وسيعرف المواطن العادي أن إصلاح العالم ليس من مهامه وليس هو مسؤولاً عن مستقبل البشرية. من أراد رضا ربه عليه أن يعمل على ذلك بنفسه لا أن تجير أجهزة الدولة ومؤسساتها وأموالها لسوق الناس إلى ذلك.
ما الذي يمكن أن يجنيه الإيراني العادي من الملايين التي تصرفها حكومته لتشييع الناس في أفريقيا بينما ملايين الشيعة في الأرياف الإيرانية لا يجدون قوت يومهم. ما هي مكاسب العائلة البسيطة أن يعلن ابنها المراهق حرباً لن تنطفئ على السنة والبهائية واليزيزيدية والصهيونية؟ ما الذي يمكن أن يجنيه الإنسان الإيراني أن يصبح منزوع الثقة في مطارات العالم من أجل تحرير نصف كيلو في نصف كيلو على أرض غريبة يطلق عليها أهلها مزارع شبعا. لماذا العالم يبني ويعمر ويسعد وإيران تتحول إلى وكالة دينية تريد أن تفرض على البشرية الجنة بالمواصفات التي رسمها الفقيه وأسلافه.
التلاعب بالأخلاق العظيمة والأهداف الأسطورية (القضاء على الفقر والفساد وبسط العدل وإزالة الظلم وتوزيع الثروة العادل ونشر المبادئ الخ) يخدر أثناء الحملة الطامعة للاستيلاء على السلطة. رائعة عندما يكون رجل الدين يخطب ويرعد ويتساقط رذاذ لعابه على المنبر. من السهل أن تسترق البشر المظلومين أو الجائعين بالوعود الحالمة واللعب على المظالم القائمة واستغلال الكتب المقدسة والمشاعر الدينية وآمال البشرية العظام ولكن ليس عندما تحط قدمك على أرض العمل.
طرحت المبادئ الشيوعية الحالمة قبل عقود من بلوغ لينين السلطة في الاتحاد السوفييتي وقبل استيلاء الجيش الأحمر على بكين. كانت الكتب الشيوعية حلماً مسطراً على ورق. الدين الجديد الذي تنتظره البشرية. بعد عقد أو عقدين من وصول المبشرين بالشيوعية إلى السلطة اكتشف الناس أن البشر لا يساسون بالإيدلوجيا. حقوقهم وحرياتهم الشخصية لا مساومة عليها أياً كانت تلك الأيديولوجيا. وكلما زادت كثافة الحلم في الوعود كلما كانت أقرب إلى الزيف. ملالي إيران زادوا على وعود الشيوعية المرتكزة على جنة الأرض جنة في السماء قام بتصميمها رجل تلقى تعليمه الهندسي في قم. فأضافوا إلى الجوع الذي انتهت إليه الشيوعية الاضطهاد ومصادرة الحقوق والحريات الشخصية.
الثورة على الشاه أسقطت الحاكم الظالم وأتاحت الفرصة لأهل الوعود الأسطورية أن يأتوا إلى السلطة. ثورة الشعب الإيراني الحتمية القادمة ستكون النهائية لأنها ستوقظ الشعب الإيراني على حقيقته البشرية فيضطر أن ينضم إلى عصر العقل والأنوار كما فعل الشعب الفرنسي في قرن سابق.