الحياة - فوز ما يسمى فريق الإصلاحيين في البرلمان الإيراني لن يغير سياسة إيران الإقليمية في لبنان وسورية واليمن والعراق. ولكن قد يكون له تأثير في سوق النفط العالمية على رغم الصعوبات والتعقيدات المصرفية التي يواجهها المستثمرون الأجانب حالياً في إيران. فاحتمال هيمنة الإصلاحيين في البرلمان قد يدفع الرئيس باراك اوباما الى التحرك ضمن قوة التدخل المالية العالمية financial action task force التي أنشأتها مجموعة الدول السبع عام ١٩٨٩لمكافحة تبييض الأموال وأموال الإرهاب للعمل على تغيير موقفها من إيران وربما رفع العقوبات المصرفية، خصوصاً أن أوباما هو أكثر المناضلين للتطبيع مع إيران. والعقوبات الأميركية المصرفية هي العائق الحقيقي أمام الاستثمارات الأوروبية وغيرها في هذا البلد الذي يحتاج قطاعه النفطي والغازي الى استثمارات كبرى لتطوير الإنتاج.
والمستثمرون الأوروبيون ما زالوا متخوفين من الاستثمار في إيران طالما أن العقوبات المصرفية الأميركية باقية. فقد سبق لمصرف «باريبا» الفرنسي أن دفع غرامة قيمتها حوالى ٨ بلايين يورو نتيجة خرقه الحظر المصرفي الأميركي على إيران. وفي اجتماع هذه القوة المالية في كانون الثاني (يناير) الماضي وبعد الاتفاق النووي مع إيران ورفع العقوبات الأميركية والأوروبية عنها لم تُعِد النظر في تقييمها لاستخدام إيران أموالها للإرهاب. ولا شك في أن فوز الإصلاحيين في إيران سيعطي حجة لأوباما الذي بذل كل جهد للتوصل الى اتفاق معها حول الملف النووي كي يقوم بعملية ضغط على الدول الأعضاء في هذه القوة التي ستجتمع في حزيران (يونيو) لإقناعها بتغيير موقفها ازاء ايران على رغم انها لم ولن تغير سياستها الإقليمية. فلو رفعت العقوبات المصرفية سيؤدي ذلك بسرعة اكبر الى رفع انتاج ايران النفطي بما لا يتجاوز نصف مليون برميل من الآن الى حزيران. وإيران انتجت في كانون الثاني ٣ ملايين برميل في اليوم. ولكن الزيادة المقبلة ستكون محدودة طالما تبقى تحت الحظر المصرفي الأميركي.
وبعض المعلومات الآتية من الولايات المتحدة تؤكد وفق صحيفة «وول ستريت جورنال» ان بعض كبار منتجي النفط الصخري بدأوا تخفيض انتاجهم من النفط والغاز للمرة الأولى منذ سنوات نظراً الى ان الفائض العالمي من النفط سيبقي الأسعار متدنية. وتشير هذه المعلومات إلى أن عدداً كبيراً من المنتجين في الولايات المتحدة استمر في إنتاج النفط الصخري على رغم وصول سعر البرميل الى ٣٠ دولاراً في السنة الماضية. ولكن الآن بدأ فعلاً تخفيض الإنتاج الأميركي.
والآن يظهر رهان وزير النفط السعودي علي النعيمي الذي كثيراً ما سمعناه يقول إن الفائض في العرض سيزول لدى انخفاض اسعار النفط الذي سيؤدي الى خروج منتجي النفط المرتفع الكلفة من الأسواق. ولكن عودة النفط الإيراني الى الأسواق بكثرة لأن ايران لم تلتزم يوماً تجميد الإنتاج الذي تم الاتفاق عليه بين السعودية وروسيا وفنزويلا وقطر قد يبقي الفائض النفطي في الأسواق خصوصاً في حال استطاع المستثمرون الغربيون العودة الى تطوير الحقول في ايران (وهذا ما زال غير واضح) بما ان سياسة ايران الإقليمية لن تتغير مع مجيء الإصلاحيين الى الحكم.
فأسعار النفط ستبقى عند المستوى الحالي من الآن الى مؤتمر «اوبك» المقبل. ولكن المستقبل القريب ما زال غير واضح بالنسبة الى الأسعار ومسألة تجميد الإنتاج هي فقط اختبار نيات دول مثل روسيا لا أحد يثق بنواياها، فروسيا لم تلتزم يوماً قرارات تعاونها مع «اوبك» لتخفيض الإنتاج. وهناك عوامل مجهولة قد ترفع او تخفّض السعر منها الجيوسياسية والأزمات الإقليمية ومصيرها في سورية واليمن والعراق وكردستان وليبيا وعوامل اقتصادية في اوروبا وارتفاع الدولار ازاء اليورو. كل ذلك يجعل توقع اتجاه سعر النفط صعباً جداً علماً ان انتاج السعودية وهي اكبر دولة منتجة لن يخفّض لمصلحة أي دولة أخرى.