"-الرياض رعد الشمال".. أبلغ رسالة عربية وإسلامية بعثتها دول المنطقة لمن راهنوا على تشتت كلمتهم وقرارهم، بأن عليهم أن يعيدوا النظر في حساباتهم لمرحلة مختلفة في تاريخ المنطقة التي تمر بأدق وأخطر منعطفاتها، فالمنطقة التي كانت مضرب مثلٍ لتفرّق الكلمة وتشتت الصف، تقف اليوم قولاً وفعلاً على جادة الإجماع والوحدة والقوة.
لقد بدا ذلك واضحاً وجلياً، فلا مكان اليوم لمن يريد أن يرسم ويعيد تخطيط عالمنا بما تمليه أجندته ومصالحه، لقد ردت الدول العربية والاسلامية بلهجة أسمعت وأزعجت تلك القوى الراغبة في ممارسة كولونيالية جديدة، والتي ترى أن على دولنا أن ترتهن لقرارها ورؤيتها وفلسفتها.. وصوب أي تهديد قد يطاول عمقها الإسلامي والعربي، اختتمت العملية العسكرية الأضخم منذ حرب الخليج مطلع التسعينيات.
يخطئ من يظن أن "رعد الشمال" رسالة موجهة لإيران، لأن الأمر أكبر منها، فقد رأت كيف أجمعت الدول الخليجية والعربية والإسلامية على إدانة أفعالها وسلوكها المتهور والمؤذي، وكيف أفشلت دول المنطقة مشروعها في البحرين واليمن وسورية، وستمضي المملكة وإخوانها العرب قدماً من أجل استعادة الدولة الوطنية في العالم العربي بعيداً عن المشروعات الطائفية والإرهاب الذي تراهن عليه طهران في محاولة لتفكيك الدول العربية والإسلامية.
وتنظم المملكة تحالفات استراتيجية في المنطقة، بما يسهم في تماسكها وإعادة فعاليتها وحيويتها، ولأجل لذلك لا غرابة في الهجمة الشرسة على المملكة في الإعلام والمراكز البحثية الغربية، فتارة يستهدفون الرياض من البوابة الأيديولوجية، ثم الرهان على انخفاض النفط وتدهور الاقتصاد وغيرها..، ظناً أن ذلك من شأنه أن يبعث رسائل إحباط وتشكيك للدول العربية التي ردت بما تمليه اللحظة التاريخية الحاسمة بأنها اليوم على قلب رجل واحد، من موقع القوة وقلب العالم العربي والإسلامي، تريد ضخ روح التفاؤل والقوة في أواصر هذا العالم الذي يئن تحت وطأة سنين من التفكك الذي أذهب قوته وريحه. لذا فإن "رعد الشمال" ليست نذير حرب، لأن المملكة أخذت على عاتقها منذ أن توحدت - على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز- أن تكون دولة داعمة للازدهار والنماء والوحدة، لأنها تدرك أن أخطر ما يهدد منطقتنا هو أكثر ما يهدد أعداءها وهي وحدته وقوته فهما محل رهان شعبه وعدوه في آن، وأمام تلك الحقيقة على دول المنطقة أن تختار إما أن تذهب إلى ما يشد من قوتها وأزرها وازدهارها، أو أن تذهب إلى ما يهدد وجودها، ويسلب إرادتها.