الرياض - النجاح الباهر، لمناورات «رعد الشمال» التي رعاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبعض قادة الدول العربية والإسلامية، الأسبوع الماضي، وبمشاركة 20 دولة شقيقة وصديقة، في حفر الباطن، كشفت بما لا يدعُ مجالاً للشك، عن حجم التضامن العربي والإسلامي مع المملكة التي تقود في الظروف الراهنة، حرباً على كافة الجبهات، للذود عن الكرامة والسيادة، ضد التدخلات الإقليمية والأجنبية، بالتوازي مع حربٍ ضروس مع العناصر التكفيرية والإرهابية، داخلياً وخارجياً.
ربما كان مجرد اشتراك قرابة 350 ألف جندي، من 20 دولة، أبرزها المملكة، ومصر، والإمارات، والأردن، والبحرين، وكذلك 2540 مقاتلة، و20 ألف دبابة، و460 مروحية، ومئات السفن، في المناورات، كأول حدث في القرن الحادي والعشرين، وعلى الأرض السعودية، رسالة بالغة الأهمية تؤكد مواقف الدول الشقيقة والصديقة الثابت بجانب المملكة، ودول الخليج في مواجهة أي عدوان عليها قد تفكر فيه أية قوة إقليمية، خاصة أن مكان المناورة «حفر الباطن» أقصى شمال شرق السعودية وعلى الحدود الكويتية والعراقية وساحلها مطل على الساحل الإيراني.
مشاركة هذا العدد الضخم، رغم أنه يكشف أيضاً، عن معانٍ أخرى بخلاف رسالة الوحدة العربية الإسلامية، حيث تمثل أيضا فرصة لرأب الصدع، وربما يفتح باب التوافق المبدئي وفقا لرؤية ومصالح جميع الأطراف.. إلا أنه رسالة ضمنية قوية للعالم، بأن العالم العربي قائم وقادر في هذا التوقيت الحرج من عمر الأمة، التي تواجه تحديات وأخطار عديدة، حيث أخذت المملكة بقيادتها وشعبها وقواتها المسلحة على عاتقها، مهمة النهوض بالأمة، وقيادة الأعمال المشتركة، وإيضاح أن معادلة القوة السعودية، لا يُمكن تجاهلها أو الاستهانة بها.
هذه النقطة الأخيرة تحديداً، ربما تكون هي رمانة الميزان في التفكير السياسي السعودي، الذي يحاول بحنكة ودبلوماسية إفهام الجميع، أن الصبر والحكمة لا يعنيان الضعف أو التردد، وأن الرغبة في تحقيق السلم والاستقرار والأمن للجميع، لن تكون على حساب المسلّمات الاستراتيجية ومعايير السيادة الوطنية على الإطلاق.
من هنا يمكن فهم مناورات رعد الشمال بأنها رسالة قوّة للجميع، بأننا وإن كنا نتحلى بكثير من الحكمة في معالجة التهديدات، إلا أننا أيضاً نمتلك أسس الردع ومقوماته، ولسنا وحدنا في هذا التحدي، إنما معنا أشقاء وأصدقاء كُثر، يدركون جيداً أن العالم الحديث لا يقوم على «الفتونة» أو التهديد.. وإنما يقوم على المصالح المشتركة، والنوايا الطيبة.. أما غير ذلك، فلكل حادث حديث.
*تذكّر..تذكر - يا سيدي- أن الوطنية الحقة هي أن نموت من أجل الوطن