الرياض - عشية انتخابات الكونغرس في 2010 قام تنظيم القاعدة بوضع قنابل على متن طائرات تابعة لشركتي (UPS) و (FEDEX) لشحن البريد كانت متجهة من اليمن إلى شيكاغو، اتصل مسؤول أمني سعودي بالبيت الأبيض وقدَّم إلى جون برينان، مستشار الرئيس أوباما لشؤون الإرهاب، أرقام الطرود المفخخة لمتابعتها، وقد تمّ توقيف هذه الطائرات في دبي وشرق ميدلاند بالمملكة المتحدة، وأزيلت القنابل بعد ذلك. يومها أزجى الرئيس أوباما الشكر الجزيل للقيادة السعودية والأمن في المملكة على تعاونهم الإيجابي على إفشال مخططات الإرهابيين الذين يحاولون تصدير الدمار إلى كل مكان.
تدرك الولايات المتحدة حصيلة الفوائد الجمة الحاصلة من تعاونها مع المملكة في مجال مكافحة الإرهاب، وترى الرياض في الوقت ذاته أنها وواشنطن قادرتان من خلال التنسيق المشترك في هذا الملف إحراز نتائج مذهلة، تنعكس بشكل كبير على الأمن الدولي، وتقوم الرياض بذلك إيماناً منها بظلامية الإرهاب وتقويض أذاه الذي طال الإسلام والمسلمين، وهذا الأمر يجهله الرأي العام الغربي.
من الوضح اليوم حجم الضغط الأمني الذي يعيشه العالم الواقع تحت تهديد تلك التنظيمات الإرهابية التي تتخذ من سورية والعراق موطئ قدم ثابت لها من خلالهما تديران عملياتها في أنحاء من العالم، ولو تأملنا هاتين المنطقتين لوجدنا أن قوى معينة هي التي تتحكم بشكل رئيسي فيها على الأرض، ونعني هنا صراحة إيران التي تصفها الإدارة الأميركية وعدد من الحكومات الغربية بالمارقة والداعمة للإرهاب، لكن ذلك لا يتعدى مجرد كلام لا يترجم إلى أفعال، فالوقوف ضد العمليات الإرهابية يجب أن يتم بحزم بعيداً عن أي اختلاطات أخرى بمعنى أن من الصعب استيعاب الحصول على تفاهم مع طهران في ظل سلوكياتها المخلة بالأمن الدولي، وإن أي جهود في مكافحة الإرهاب لا تأخذ في الحسبان جميع العناصر المطلوبة تكون ناقصة وغير متكاملة الأوجه.
إن تأسيس مجلس خليجي – أميركي لمكافحة الإرهاب يعقد أول اجتماعاته تزامناً مع زيارة يقوم بها الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المملكة في 21 أبريل القادم، يبعث بدلالة واضحة عن ثقة توليها واشنطن ومؤسساتها الحكومية والأمنية والعسكرية بالحكومات الخليجية وأجهزتها الأمنية في الحرب على الإرهاب، ويمنحنا دلالة أيضاً أن لدى واشنطن وحلفائها قناعة استراتيجية بمحورية الدور الخليجي في ملف مكافحة الإرهاب لعدة اعتبارات أبرزها وضوح الرؤية الخليجية، كما أن تأسيس هذا المجلس في هذا الوقت يرسل إشارات واضحة عن تأييد واشنطن للإجراءات الخليجية التي سنتها مؤخراً لتقويض الإرهاب.
وسيعزز "المجلس" الذي تم الاتفاق عليه من منظومة التعاون التي تجمع الطرفين في محاربة الإرهاب، وهذا سيتيح للمجلس انطلاقة سلسة وقوية في آن، ولأن محاربة الإرهاب أخذت اليوم شكلاً وصبغة ذات طبيعة عسكرية تحشد لأجلها الجيوش وتعقد معها التحالفات العسكرية لدرء الخطر على الأمن الدولي، يجدر أن نكون متيقنين بأن مثل تلك الجهود تبقى مرتبطة بحجم الضغط والتأثيرات التي تمارس على الأنظمة المارقة في المنطقة، والتي تعبث بأذرعها في أمن دول الخليج وهو ما يعد استهدافاً واضحاً لدول هي رأس الحربة في مواجهة الإرهاب، وهذا ينعكس بشكل خطير ووخيم على الأمن الدولي، فما جرى في بروكسيل وقبلها في باريس إنما بُعث من دولتي سورية والعراق، فلننظر من يعبث بأمن تلك الدول.