الرياض - ما آلت إليه مدينة الفلوجة من سيطرة «داعش» عليها هي مسؤولية الحكومة العراقية وليست مسؤولية أهالي الفلوجة الذين عانوا من الحكومة يوم فرّطت في أمنهم ويوم أطبقت حصاراً عليهم لإخراج العدو من الداخل، ومهما كان العذر الذي يُنفذ باسمه هذا الحصار ومهما كانت الخطط التي أعدها العراقيون والأميركيون الذين يعرفون الفلوجة جيداً وترتبط في ذهنهم بحوادث مأساوية يجدر ألا تكون عملية القضاء على «داعش» عبر بوابة تجويع أهالي المدينة الذين يعيشون مجاعة رهيبة وسط صمت دولي مخيف.
فالصمت يوحي إما بالموافقة أو العجز، وكلا الأمرين يتنافسان في المأساوية ويعبران بأسى عما غدا عليه حال العراق ومسؤوليه الذين يكرسون بتلك التصرفات حالة من النقمة الشديدة في نفوس أهالي المدينة، والذين سيتذكر الأحياء منهم كيف فارق أهلهم الحياة أمام أنظارهم بسبب حصار الدولة عليهم.
تاريخ الفلوجة يخبرنا أن لهذه المدينة صولات عدة مع «القاعدة» والأميركيين والمسلحين منذ سقوط العراق عام 2003، وهذه المدينة كانت دائماً تعاني مرتين، واليوم من الضروري ألا نكرر أخطاء الماضي بجعل هذه المدينة تدفع ثمناً مضاعفاً، وإن على الولايات المتحدة أن تسهم في فك هذا الحصار وهي التي تشارك في مهمات استشارية وتدريبية للقضاء على «التنظيم» الإرهابي.
إن على المجتمع الدولي أن يتحرك اليوم لإنقاذ المدنيين الذين تنكل بهم «داعش» في الداخل ويحاصرون من الحشد الشعبي ومن يدور في فلكه من الخارج دون وجود ممرات آمنة تسمح بخروج المواطنين بسلام، وإن تواتر الروايات عن تراجع «الحشد» عن الحصار بسبب ارتباك وتأجيل عمليات الحسم والتدخل لا يعني شيئاً ولا يخفف من الأزمة الحالية التي تعكس واقعاً إنسانياً مؤلماً للعراقيين، وهو واقع حدث يوم أعلى السياسيون في العراق مصالح الفئة على مصالح الوطن.