2016-03-31 

أبريل.. ربيع الانفصاليين في المغرب العربي

أمين بن مسعود

العرب - ككرة الثلج تتفاقم المعضلة الصحراوية لتأخذ مسارا تصاعديا عنوانه فرضية العودة إلى الحرب الشاملة بين المغرب وجبهة البوليساريو بعد أن قلّصت الرباط من أعداد البعثة الأممية لتأمين هدنة 1991 وتنظيم الاستفتاء، المعروفة باسم مينورسو، وطردت قائدها العسكريّ.

 

صحيح أنّ الأطراف المشاركة في المسألة الصحراوية لا تريد استحضار سيناريو المكاسرة الطاحنة بين المغرب والبوليساريو بيد أنّ الأزمة بلغت حدّ تعليق الحلّ السلمي وتأجيل لغة الحوار لتسوية القضيّة لتستبدل اليوم بالتلويح بالجنوح للحرب من طرف ممثلي جبهة البوليساريو في ظلّ تقارير إخبارية متطابقة عن التحضير الفعلي لاستئناف الحرب بين المغرب والحركة الانفصاليّةتصريح الدبلوماسية المغربية حول وجود أزمة حقيقية مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بعد أن وصف الأخير الوجود المغربي في الصحراء المغربية بـ”الاحتلال”، وأنّ قرار الرباط بتقليص التمثيل الأممي في الصحراء نهائي ولا رجعة فيه، يؤشر على أنّ المحنة المغربية الأممية في تفاقم محتقن قد لا ينتهي بمجرّد انتهاء ولاية بان كي مون على رأس الأمانة العامة للمنتظم الأممي.

 

هنا لن نجانب الصواب إن اعتبرنا أنّ حربا دبلوماسيّة ستخوضها الرباط في مجلس الأمن في شهر أبريل القادم ضدّ بان كي مون الذي سيقدّم تقريره السنويّ عن قضية الصحراء المغربية وهو ما دشنه المغرب عبر الزيارة الأخيرة للعاهل المغربي الملك محمد السادس إلى موسكو والتي ترأس الملف الصحراوي أشغالها ونقاشاتها مع المسؤولين الروسمرة ثانية نجد أنفسنا مدفوعين لتوجيه الاهتمام حول الأوضاع الساخنة في المغرب لا فقط لأنّ العقل العربي مأخوذ بقضايا الشرق وأدار وجهه ووجهته الفكرية والثقافية والمعرفية للعراق والشام بالتحديد، الأمر الذي يحول دون التنقيب في قضايا المغرب العربي، بل أيضا لأنّ المسألة الصحراوية تتنزّل في سياق الانفصال الهادئ والتفتيت الناعم للأقطار العربيّة.

 

هذا الأمر لا يعدو أن يكون استنساخا لنماذج عديدة من التقسيم البنيوي للجغرافيا العربية عند الوصول إلى حالة المكاسرة، حيث يعجز السلاح عن الحسم ويقصر الإصلاح عن لمّ الشمل، إمّا بسبب هوان التسويات أو دخول الأطراف الإقليمية على الخطّ أو كلاهما معاانفصل جنوب السودان، ويسعى جنوب اليمن لاجترار سيناريو ما قبل 22 مايو 1990 بعد أن حلت الفيدرالية الدستورية محلّ دولة الوحدة الوطنية، واختار كردستان العراق الخروج عن العراق، دولة ودورا، بعد أن رأى مروجو التفتيت أنّ السلام في أرض الرشيد لا يكون إلا عبر تأسيس أشباه الدول المتناقضة والمتناحرة يصبح عبرها مرور النفط من أربيل إلى تل أبيب أسهل وأيسر من وصوله إلى بغداد.

 

ومن الواضح أنّ ذات العقل الاستراتيجي التفتيتي يبحث اليوم عن مسوّغات لفصل الصحراء المغربيّة الغنية بالثروات الباطنيّة عن الدولة المركزّية، وذلك لتبديد الثروة والحيلولة دون تحويلها إلى تنمية حقيقية، فلا المغرب يستفيد منها تحت وقع مطالب الانفصال ولا البوليساريو العاجزة عن تأمين الحكم الرشيد صلب تنظيمها الداخلي ناهيك عن حكم “جغرافيا مقضومة” من وطن جريحومن المفارقة أنّ شهر أبريل سيشهد تحركيّن انفصاليين في منطقة المغرب العربي، الأوّل تحت مسمّى الربيع الأمازيغي حيث تستعدّ بعض الحركات الانفصالية الأمازيغية الجزائرية لتدشين تحركاتها في الشارع القبائلي ولإعادة إحياء مطالبها في ظلّ احتكار الفاعل الرسميّ لعمليّة دسترة اللغة والثقافة الأمازيغية ووسط فشل القناة الأمازيغية الرابعة على استقطاب الجمهور القبائلي لا سيما وأنّ مضامينها الإعلامية تقترب من الفلكرة السمجة للتراث الشعبيّ.

 

وفي نفس الشهر، سيصوّب الأمين العام بان كي مون مدفعيّته الدبلوماسية حيال المغرب مطالبا بإنجاز تقرير المصير للشعب الصحراوي، وهي ثنائيّة سببية تسعى للانتهاء إلى الانفصال، ذلك أنّه بمقتضى التلازمية ينتصب الاستقلال في مقابل الاحتلال وهو الذي حدا ببان كي مون إلى وصف الوجود المغربي بـ”الاحتلال” في حين أنّه يصرّ على تشخيص أراضي 67 بالأراضي المتنازع عليها بين الفلسطينيين والإسرائيليينإذن هو ربيع الحركات الانفصالية في المغرب العربي بين الجزائر والمغرب وليبيا قد لا يؤدي بالضرورة إلى التقسيم الحيني والفوري ولكنّه بالتأكيد سيضع اللبنات الأولى لـ”التعايش المستحيل” و”لاستحالة العيش المشترك”.. وسيفتح الطريق نحو صيف ساخن نتمنى ألا يكون بسخونة ما يجري في السودان واليمن والعراق.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه