كثيرا ماتتدخل الولايات المتحدة الأميركية في شؤون دول العالم، وتبدي مخاوفها وربما تمنع مساعداتها العسكرية عن دول آخرى بسبب شكها في وضع حقوق الانسان. اليوم جاء الدور عليها وتزداد التساؤلات بشأن حقوق المواطنين السود وممارسات الشرطة للاستهداف على اساس عرقي واستخدامها قوة مميتة تسببت في وفاة شبان سود غير مسلحين برصاص الشرطة في كليفلاند وفيرجسون بولاية ميزوري ونيويورك ومدن أميركية اخرى. وتشهد الولايات المتحدة الأميركية موجة واسعة من مسيرات للاحتجاج على عنف الشرطة في عدة مدن أميركية بدء من نيويورك إلي دنفر يوم الاربعاء، وانتهت مظاهرة ضخمة في بالتيمور سلميا بعد يومين من أحداث شغب اثارتها وفاة شاب اسود بعد اصابته اثناء وجوده رهن احتجاز الشرطة. خرج آلاف المتظاهرين الأربعاء في شوارع بالتيمور، واحتجاجا على أعمال العنف التي تقوم بها الشرطة، مطالبين بالعدالة بعد وفاة الشاب الأسود فريدي غراي. وأكدت شرطة بالتيمورأن المتظاهرين وهم من البيض والسود، ساروا "بدون مصادمات"، ولم تحصل أي اعتقالات، كما لم يسقط أي جريح في تظاهرة الأربعاء.بحسب رويترز وتحد المتظاهرون موعد الحظر الليلي المفروض في المدينة منذ الثلاثاء، ابتداء من العاشرة مساء وحتى الساعة الخامسة صباحا وواصلوا التظاهر بشكل سلمي. ويسعى المحتجون في بالتيمور التي تسكنها غالبية من السود الي اجابات بشان ما حدث لفريدي جراي الذي توفي بعد ان تعرض لاصابة في العمود الفقري وهو رهن احتجاز الشرطة. وأعلنت الشرطة الأربعاء أنها اعتقلت الاثنين 235 شخصا، وبدأ الحرس الوطني الأمريكي بالانتشار في شوارع بالتيمور الثلاثاء، إذ بلغ العدد الإجمالي لرجال الأمن وعناصر الحرس الوطني المنتشرين في المدينة بحلول الأربعاء قرابة 3 آلاف فرد. وطالب لاري هوجان حاكم ولاية ماريلاند المحتجين بإحترام حظر التجول الليلي مؤكدا أن جنود الحرس الوطني لن يتسامحوا مع اعمال النهب أو الشغب. وفي ذروة احداث الشغب عقب تشييع جراي يوم الاثنين أحرق المحتجون في بالتيمور 19 مبنى وعشرات السيارات ورشقوا الشرطة بالحجارة والطوب مما أدى الي اصابة 20 شرطيا بجروح. وأعيد فتح المداس واستأنفت المتاجر نشاطهابالتزامن مع دوريات الشرطة والحرس الوطني. وألقت شرطة مدينة نيويورك القبض على أكثر من 60 شخصا الأربعاء أثناء مشاركتهم في مظاهرات احتجاج على وفاة الشاب الأسود فريدي غراي من مدينة بالتيمور. واحتشد عدة آلاف في منهاتن مساء الأربعاء تضامنا مع احتجاجات بالتيمور، وحملوا لافتات كتب عليها "حياة السود لها قيمة"، وحاولت الشرطة منع إغلاق الشوارع، وإبعاد المتظاهرين عن وسط الشارع، ثم اعتقلت أكثر من 60 شخصا حاولوا إيقاف حركة المرور. ونظمت احتجاجات أصغر حجما في بوسطن وهيوستون وفيرغسون والعاصمة الأميركية واشنطن وسياتل ودنفر حيث ألقي القبض على عدد قليل من المتظاهرين. يذكر أن موجة الاحتجاجات العنيفة التي سرعان ما تحولت إلى صدامات مع الشرطة وأعمال شغب انطلقت مدينة فيرغسون (ولاية ميزوري) انطلقت منها موجة الاحتجاجات التي تشهدها الولايات المتحدة منذ شهور على معاملة الشرطة للمواطنين السود بقسوة وذكر شهود عيان أن شخصا أصيب بطلق ناري في ساقه في حادث إطلاق نار في المنطقة التي قتل فيها الشاب الأسود مايكل براون العام الماضي، وحالته الصحية حاليا غير معروفة. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن مقتل الشاب مايكل براون في فيرغسون العام الماضي أجّج موجة من الاحتجاجات ضد عنف الشرطة والتمييز العنصري في الولايات المتحدة. ومن المنتظر ان تقدم الشرطة نتائج تحقيقها في وفاة جراي (25 عاما) الي ممثلي الادعاء غدا الجمعة لكنها قالت انها تعلن عن اي معلومات. وتحاول الشرطة الأميركية التهرب من المسؤولية في قضية غراي، ويتجه المحققون لاستنتاج مفاده أن الشاب الأسود نفسه كان مسؤولا عن إصابته بجروح بالغة أدت إلى وفاته بعد مرور قرابة أسبوع على اعتقاله. ونقلت روسيا اليوم عن صحيفة "واشنطن بوست" الأربعاء أن هذه الفرضية تعتمد على شهادات شاب آخر اعتقل بالتزامن مع غراي ونُقل إلى مركز للشرطة في نفس السيارة. ويقول الشاهد إنه لم ير غراي، إذ كان ستار حديدي يفصل بينهما، لكنه سمع ضربات كأن غراي كان يضرب رأسه بالجدار. ولذلك استنتج الشاب أن غراي "حاول إصابة نفسه بجروح عمدا"، حسب وثائق خاصة بشرطة بالتيمور. وكان غراي اعتقل في 12 أبريل بتهمة حيازة سكين ونُقل أولا إلى مركز للشرطة ولاحقا إلى المستشفى حيث فارق الحياة بعد أسبوع. واعترفت شرطة بالتيمور بأن عملية إسعاف الموقوف تأخرت وبأنه كان يجب أن يحصل على مساعدة طبية فور إصابته. وبدوره أصر الرئيس الأميركي باراك أوباما على عدم وجود أي تبرير لأعمال العنف والشغب التي شهدتها مدينة بالتيمور مساء الاثنين وقال في مؤتمر صحفي : لا تبرير للعنف ولأعمال الشغب في بالتيمور. إنهم لم يحتجوا ولم يعلنوا عن أي مطالب، بل انخرطوا في أعمال النهب وإضرام النار في محلات تجارية بمدينتهم وإلحاق الأضرار بممتلكات جيرانهم. وأعرب أوباما عن قلقه من ازدياد حوادث لجوء رجال الأمن للقوة ضد مواطنين أغلبيتهم من الأميركيين السود. بدورها وصفت وزيرة العدل الأميركية لوريتا لينش الأربعاء تصرفات المحتجين في بالتيمور بأنها أعمال عنف عديمة المعنى، واعتبرت أنها تمثل خطرا كبيرا على السكان المحيين