الرياض - لكتابة عن العلاقة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية تمثل أحد أهم الموضوعات الجاذبة والمشجعة للكاتب وللقارئ فجميع أوجه وجوانب هذه العلاقة في كافة شؤونها ومجالاتها السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والشعبية جميعها مجالات تستحق الكثير من المقالات والتقارير والمؤلفات.. فتاريخ علاقة السعودية بمصر غني جداً بكنوز لاحصر لها من شواهد الأخوة والمحبة والتكاتف والتلاحم المثالي إسلامياً وعربياً تحفز وتلهم الكاتب - أياً كانت جنسيته - على الإبداع متى وكيفما أراد أن يكتب ويسطر ويوثق للناشئة الحاضرة وللأجيال القادمة عن ثوابت وتميز هذه العلاقة بين هذين البلدين.
من هنا كان من الطبيعي أن تُبنى وتستمر العلاقة السعودية - المصرية خلال عشرات السنين الماضية على نهج واحد ومثالي.. هذه المثالية التي تحققت بعد أن نجحت بتوفيق الله في تجاوز الكثير من الأزمات الصعبة الثنائية والعربية والإقليمية الطارئة بكل سلاسة واقتدار لا تتحقق في أي علاقة دولية أخرى.. هذا التميز في هذه العلاقة تحقق بتوفيق الله سبحانه وتعالى أولاً ثم بحسن القيادة في البلدين خلال هذه السنوات الطويلة ملكا بعد ملك، ورئيسا بعد رئيس فكان تميزاً ونجاحاً صنعا علاقة توارثتها أجيال البلدين الشقيقين بكل احترام وبكل مودة فريدة.
شواهد هذا التميز وهذه المثالية حضرت في أبلغ صورها في مواقف كثيرة على كافة المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية وارتقت في أصعب الظروف والأزمات ولعل حرب أكتوبر عام 1973م وحرب تحرير الكويت 1991م وأحداث 30 يونيو في عام 2013م وعاصفة الحزم 2015م وغيرها.. كلها نماذج لمواقف وشواهد تبرهن حقيقة وعمق نجاح العلاقة السعودية - المصرية. واليوم يقيم في المملكة العربية السعودية مليون مصري يمثلون نسبة كبيرة من بين كل الجنسيات المقيمة في المملكة يعملون في الكثير من المهن والوظائف ويحولون سنوياً إلى وطنهم رقماً كبيراً من الإرادات المالية تمثل أعلى نسبة تحويلات من أي دولة.. ما يؤكد ولله الحمد أن الإخوة المصريين يعتبرون المملكة العربية السعودية هي وطنهم الثاني في تجسيد طبيعي لعمق الشراكة المثلى بين الشعبين.
في الجانب الآخر تؤكد الإحصاءات أن المواطنين السعوديين في مصر قد تجاوز عددهم (500) ألف نسمة وبهذا يمثل السعوديون أكبر عدد من المقيمين في مصر من بين كل الجنسيات المقيمة في مصر إضافة إلى ذلك يمثل السعوديون العدد الأكبر من السياح في مصر على مدار العام ويمتلك السعوديون استثمارات عقارية واقتصادية وتجارية تمثل أعلى نسبة من الجنسيات الأخرى.
هذا التوافق بين الشعبين في هذه المجالات هو نتاج طبيعي جداً لدرجة ونوع العلاقة السياسية بين البلدين، هذه العلاقة التي رسختها حنكة وحكمة قيادة البلدين التي صنعت بتوفيق الله من السعودية ومصر قوة إسلامية وعربية في شتى المجالات، قوة امتزجت فيها القوة الإسلامية والدينية والعسكرية والاقتصادية والشعبية فسخرت كل مقومات هذه القوة لحماية المصالح الإسلامية والعربية..
قوة واجهت باقتدار كبير كل التحديات والأطماع والخطط التي حاولت المساس بوحدة الأمة العربية والإسلامية ونجحت بتوفيق الله في كل هذه المواجهات وظلت هذه القوة فخراً لكل عربي ومسلم، ولكل سعودي ومصري على وجه الخصوص وستبقى هذه القوة إن شاء الله تعالى في ازدياد متواصل. وستبقى المملكة العربية السعودية ومصر الحبيبة إن شاء الله فخراً وسنداً للمسلمين وللعرب والدعاء لله سبحانه أن يحفظ هذه العلاقة وأن يديمها ويزيدها قوة. فالحمد لله على هذه الوحدة وعلى هذا التآلف.