الحياة - أبو بكر البغدادي يسعى إلى استقطاب شباب أوروبا من أبناء الجاليات العربية والمسلمة، لـ «الجهاد» إلى جانبه لرفع راية «دولة الخلافة»، فيما مطلّقته سجى الدليمي تبحث عن مكان آمن في أوروبا تستطيع أن توفر فيه تعليماً جيداً لابنتها هاجر التي أنجبتها من البغدادي قبل سبع سنوات.
ليست حالة استثنائية أن يصاب الأب بخيبة أمل في زوجته أو أبنائه. لكن هذه الخيبة في عقر بيت «الخليفة» هي من النوع المدوّي، فهذا الرجل الذي يطمح أن تكون «الدولة الإسلامية» التي يدير شؤونها ملاذاً لكل مسلمي الأرض، حتى تكاد تشعر من قراءة أدبياتها الإعلامية، سواء في مجلة «دابق» الإلكترونية أو في سائر منشورات التنظيم، أنها «المدينة الفاضلة»، هذا الرجل يسمع الآن أن زوجته السابقة ووالدة ابنته، هي أول من يشكو من ظروف العيش في هذه «الدولة»، فوفق الحديث الذي نقلته جريدة «إكسبرسن» السويدية، التي التقت الدليمي في «مكان سري» في لبنان، تقول سجى إنها تتطلع إلى حياة حرة ولا تريد أن تعيش في أي بلد عربي، كما أنها تريد لابنتها أن تتابع دروسها في أوروبا، لأن السيدة سجى لا تثق بمستويات التعليم المتوافرة في أكاديميات «الخلافة» أو في أي مدارس أو جامعات عربية أخرى.
نحن إذن أمام سيدة عربية ثائرة على وضعها وعلى ظروفها وعلى أسلوب الحياة التي يحاول زوجها أن يفرضه عليها وعلى ابنتها. وهي تسعى إلى تحسين هذه الظروف على رغم إدراكها ربما، أن فرص السماح بدخولها الحدود الأوروبية تكاد تكون من المستحيلات عندما يطّلع موظف التأشيرات على سجلها «الناصع»: شقيقة مسؤول في «جبهة النصرة»، زوجة سابقة لأحد الضباط في جهاز صدام حسين الأمني، وصولاً إلى درة العقد بالزواج من البغدادي.
لكن سجى الدليمي التي تدرك أن الظروف التي يوفرها العيش في أوروبا ليست متوافرة في «جنة» زوجها السابق، ليست ذكية بما يسمح لها بمعرفة البديهيات البسيطة، مثل هوية زوجها ووظيفته ومكان عمله! ففي إحدى المقابلات التلفزيونية، بعد إطلاق سراحها من سجون لبنان في إطار صفقة تبادل الجنود اللبنانيين مع «جبهة النصرة»، نفت أن يكون البغدادي «المطلوب الأول في العالم»، كما وصفته، هو الشخص الذي تزوجته. ورداً على سؤال الجريدة السويدية عما إذا كانت تعرف اسم الرجل الذي تزوجته، قالت إنه «محاضر جامعي يدعى هشام محمد»، وهو اسم لاعب كرة قدم في نادي «الزوراء» العراقي. ثم وصفت الرجل الذي كانت تعيش معه (البغدادي) بأنه رب أسرة عادي يعشق تربية الأطفال، وكان يحب طفليها من زواجها الأول، يذهب إلى شغله في الصباح ثم يعود إلى بيته، ولا تعرف كيف أصبح «خليفة» لـ «الدولة الإسلامية». وعندما واجهها المحققون بنتائج فحص الحمض النووي التي تثبت أن ابنتها هاجر هي ابنة البغدادي، قالت إنها ترضخ للنتيجة، مع أنها تشكك في كيفية إجراء الفحص!
عمل البغدادي مرتين لإطلاق سراح سجى، المرة الأولى من السجون السورية في إطار صفقة التبادل مع راهبات معلولا، والمرة الثانية في إطار صفقة الجنود اللبنانيين، وكان «الخليفة» الرقيق القلب، يعتبر أن أقل مكافأة يتوقعها على هذه المكرمة هي أن لا تأتيه الطعنة في الظهر، أو في القلب، من والدة ابنته. ماذا سيقول البغدادي الآن لأولئك الشباب الذين يستدعيهم من حياة «البؤس» التي يعيشونها في أوروبا ليمارسوا إلى جانبه حضارة الذبح والسحل وحرق الأسرى وهم أحياء وتدمير الآثار والحضارات؟ وكيف سيردّ على الشكوك في ظروف الحياة في بلاد «الخلافة»، فيما مطلّقته هي أول الهاربين من هذا «النعيم»؟