لن تخفي الوعود الامريكية ولا حفاوة الاستقبال الذي وجده الرئيس الامريكي باراك اوباما في الرياض توتر العلاقة بين البلدين ولا اتساع رقعة الخلافات السعودية الامريكية التي يحاول رجل البيت الابيض حلها خلال زيارته القصيرة. وفي هذا السياق يؤكد مراسل قناة الشؤون الامنية لبي بي سي في الشرق الاوسط فرانك غاردنر أن امام اوباما جبلا كبيرا من المسائل الخلافية المطالب بحلها مع احد الحلفاء الاستراتيجيين في منطقة الشرق الاوسط.
أولى المطبات التي يريد اوباما بان يزيحها خلال هذه الزيارة ملف احداث الحادي عشر من سبتمبر الذي خلق شرخا كبيرا مؤخرا بين واشنطن والرياض على خلفية مشروع قانون امريكي يتيح في حال المصادقة عليه ملاحقة مسؤولين سعوديين امام المحاكم الامريكية على خلفية احداث 11 من سبتمبر وهو القانون الذي يعارضه اوباما بكل صرامة دفاعا عن الحلف التاريخي مع السعودية.
ثاني الملفات الشائكة التي تمثل مصدر خلاف كبير بين البلدين هو ايران ففي حين وقعت ادارة اوباما اتفاقا نوويا تاريخيا مع طهران ورفعت العقوبات الاقتصادية عنها ترى المملكة العربية السعودية في ايران المصدر الاول للفوضى في منطقة الشرق الاوسط وترى في الاتفاق الامريكي الايراني خيانة للحلف السعودي الامريكي التاريخي.
و تتهم السعودية إيران بدعم "المتمردين" الشيعة في شرق المملكة، وفي البحرين، ودعم الحوثيين في اليمن. وتخشى المملكة أن الحرس الثوري الإيراني سيستغل الأموال الجديدة لدعم أنشطته في المنطقة. وأن واشنطن تسعى لإرساء قواعد الانتقال التدريجي من تحالفها الخليجي الذي تقوده السعودية، إلى آخر إيراني وفق ما اكده غاردنر .
وتمثل سوريا أحد أهم نقاط الخلاف بين البلدين رغم الاتفاق الثنائي على ضرورة رحيل بشار الاسد كخطوة اولى لإنهاء الازمة السورية. حيث يرى السعوديون أن الموقف الأمريكي ضعيف وغير حاسم، وهو ما أدى إلى استمرار المأساة التي يعيشها السوريون. وبدأت السعودية في تكوين تحالفات أخرى، بعد الوصول إلى قناعة بعدم التزام الحكومة الأمريكية بوضع حد للصراع السوري، بحيث تكون القيادة السنية في تركيا والمسلحين السنيين في ساحة القتال. وما زالت السعودية عضوا رسميا في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، ونقلت طائرات مؤخرا إلى جنوب تركيا.
وفي مؤتمر ميونخ الأمني، في فبراير/شباط الماضي، قال وزير الخارجية السعودي إن تنظيم "الدولة الإسلامية" لن يُهزم طالما بقي بشار الأسد في السلطة. لكن الولايات المتحدة هدأت من جهودها للإطاحة ببشار الأسد، وأعلنت السعودية عن تكوين "التحالف الإسلامي" الخاص بها، الذي يضم الدول السنية لـ "مكافحة الإرهاب" والترويج لأجندتها الخاصة.
ودائما وفق مراسل قناة بي بي سي في الشرق الاوسط فان الملف اليمني لا يقل قيمة واهمية عن الازمة السورية حيث تتباين الرؤى بين السعودية التي تقود تحالفا ضد المتمردين الحوثيين في اليمن منذ أكثر من عام في حين لا تشعر الولايات المتحدة بارتياح على سير المعارك ونتائجها ، لكنها تستمر في إمداد الرياض بالمعلومات المخابراتية، والذخيرة، والأسلحة.
النفط يمثل محور اخر لتباعد المواقف السعودية الامريكية حيث انقضت أيام الاعتماد الأمريكي الكامل على النفط السعودي لتغطي احتياجاتها من الطاقة، وذلك بفضل الإنتاج الأمريكي من الوقود، وتكنولوجيا الوقود الصخري.
وفي المقابل، حافظت السعودية على كثافة إنتاجها من النفط للحفاظ على انخفاض أسعاره، فأصبح الإنتاج غير اقتصادي للمنتجين الأمريكيين. كما تساهم زيادة الإنتاج الإيراني في الإضرار بأسعار النفط. ورغم قدرة السعودية حتى الآن على الحفاظ على كثافة إنتاجها بتكلفة منخفضة، إلا أنها ستحتاج لرفع الأسعار لتحقيق التوازن في ميزانيتها.
ورغم حجم الخلافات الكبيرة بين الرياض وواشنطن الا ان التوقعات تذهب الا ان زيارة اوباما ستمثل منعرجا حاسما في مستقبل العلاقات السعودية الامريكية أما لرأب الصدع أو لرسم خطوط جديدة لهذه العلاقة.