منذ منتصف فبراير والرياض تستقبل زعماء دول عربية وجوار فيما وصفته وكالة الأنباء الفرنسية مساعي سعودية لتوحيد السنة في مواجهة ايران والجهاديين، في إشارة إلى تنافس ايران الشيعية مع السعودية على النفوذ في المنطقة. وكان قد زار الرياض زعماء الدول المجاورة للسعودية ومن بينها قطر والكويت والاردن والامارات العاهل السعودي منذ منتصف فبراير كما من المقرر ان يزوره عدد اخر من الزعماء العرب، فضلا عن لقاء الرئيس التركي رجيب طيب أردوغان بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أمس بمدينة الرياض بناء على دعوة الأخير. وتأتي زيارة أردوغان بعد يوم من اجراء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي محادثات مع العاهل السعودي، وقبل زيارة من المقرر ان يقوم بها رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف في وقت لاحق من هذا الاسبوع. وبالرغم من أن الزعيمين المصري والتركي لم يلتقيا في السعودية، إلا أن بعض المراقبين ذكروا لوكالة الأنباء الألمانية أن القيادة السعودية الجديدة تتوسط بين القاهرة وأنقرة في ظل حديث عن سعي الرياض لتشكيل حلف ضد إيران. واعتبرت شبكة دويتش فيله الألمانية أن المنطلق من تزامن زيارة السيسي للسعودية مع تواجد للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المملكة– هو حدوث تقارب مصري تركي برغبة سعودية، ما يعني ضرورة تقديم تنازلات سياسية داخلية لجماعة الإخوان المسلمين المصنفة "منظمة إرهابية" والتي تعد تركيا وقطر من أكبر داعميها في المنطقة. وتشهد العلاقات بين مصر وتركيا توترا منذ أن اطاح السيسي بالرئيس الاسلامي السابق محمد مرسي في يوليو 2013. فيما أشارت الشبكة إلى الدعم الخليجي الذي يشكل "بالون أوكسيجين" للاقتصاد المصري، والتي يقول عنها الخبير في شؤون الشرق الأوسط خطار أبو دياب إن لولاها لكان وضع الاقتصاد المصري أسوأ بكثير. وبلغت هذه المساعدات 23 مليار دولار، قدمتها السعودية والإمارات والكويت لمصر كمنح ومساعدات بترولية وودائع بالبنك المركزي وبدأت تدفقات المساعدات الخليجية على مصر بعد أن تم عزل الجيش الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو 2013 وعقب احتجاجات حاشدة ضد حكمه. وقد يكون سعر التبعية المالية لدول الخليج عاليا بالنسبة للرئيس السيسي الذي قد يصبح في عيون أغلبية المصريين مجرد "دمية في يد الخليجيين"، كما عبرت عن ذلك وول ستريت جورنال الأمريكية في مقال نشرته الصيف الماضي. ونقلت الشبكة عن صحيفة فرانكفورته ألغيماينه الألمانية كتبت في مقال نشرته على موقعها الالكتروني اليوم الاثنين (02 مارس) "لقد تغيرت أولويات السعودية بشكل واضح منذ وصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم صيف عام 2013: لم تعد محاربة الإخوان المسلمين في صدارة أجندتها وإنما التهديد المتنامي الذي يشكله تنظيم "الدولة الإسلامية". وبالتالي فإن كيفية التعامل مع هذه الجماعة الإرهابية السنية في الرياض يختلف عن كيفية التعامل مع الحركة الشعبية المصرية. وأبرز مؤشر على ذلك اللقاء الذي جمع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالملك سلمان، حيث يتم ذلك في وقت يشكل فيه انتشار المتمردين الحوثيين على حدود السعودية الجنوبية في اليمن خطرا على الرياض، كما هو الشأن بالنسبة لتنامي تنظيم "الدولة الإسلامية" على حدودها الغربية والشمالية الغربية. إذن السعودية على صفيح من النيران وهي بحاجة إلى حليف قوي مثل تركيا التي تشكل ثقلا عسكريا واقتصادية قويا في المنطقة، وهي عضو في حلف الناتو وفي مجموعة العشرين، علاوة على أن أغلبية سكانها وقيادتها سنية. وقال المحلل السعودي نواف عبيد الزميل الزائر في مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية بكلية كيندي للعلوم الحكومية في جامعة هارفرد للفرنسية إن "السعودية ستعيد تنشيط سياستها الخارجية بشكل كبير لكي تعيد للمملكة دورها الطبيعي كموحد رئيسي للعالم السني بسبب ما تنفرد به من مزايا"، في إشارة إلى أن السعودية مهد الحرمين الشريفين، وكذلك إلى موقعها الاقتصادي كواحدة من أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم. وأضاف عبيد أن إبقاء تركيا "على الهامش" يضعف العالم السني، فاذا استطعت ان تطلق مناقشات مستمرة وجدية بين القوى السنية الكبرى، فبامكانك ان تضع سياسة في مرحلة مستقبلية تتعامل مع ايران ومع داعش" في اشارة الى تنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر على مناطق شاسعة من العراق وسوريا.