تطل مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية على قرائها في عددها الشهري لشهر مارس 2015 بمجموعة جديدة من أكثر التحقيقات إثارة، وشحذاً للفضول وإثراءً للمعرفة، أهمها "زمن الريبة" و"نجوم الأرض" و"لاجئو سوريا" و"وجهان مختلفان لقارة واحدة". ويتناول تحقيق عن الكائنات البشرية وتحديدًا لاجئو سوريا، الذين يواجهون واقعاً معيشياً صعباً في دول الجوار بسبب الحرب وتخليهم عن مدنهم هرباً من جحيم المعارك. إذ تفتقر مخيماتهم وأماكن إيوائهم إلى أدنى متطلبات العيش الكريم، لاسيما للنساء والأطفال، الذين يشكلون ثلاثة أرباع النازحين. ويعني ذلك عملياً تعرض هذه الفئة إلى ظروف شديدة الصعوبة، في مواجهة الجوع والمرض والبرد في منطقة عرفت عبر التاريخ بالنزوح والهجرات القسرية والتطهير العرقي. ويتضمن العدد تحقيقاً شائقاً عن نظرية العالم الكبير "كوبرنيكوس"، الذي أعلن قبل نحو أربعة قرون أن الأرض تدور حول الشمس. لكن، لا تزال نظريته تُجابَه بالرفض أو التشكيك من لدن البعض، على الرغم من الأدلة الدامغة والتطور العلمي والحضاري الذي حققه البشر اليوم. ويجيب التحقيق عن سؤال طالما حير الكثيرين: لماذا يشكك البعض بحقيقة الإنجازات العلمية؟ ولماذا تواجه كل أنواع المعارف العلمية بالجدالات العقيمة المنظمة؟ وهناك تحقيق أخر، لا يقل إثارة، يتناول الكائنات البحرية التي تعيش في ظلمات البحار والمحيطات، كالرخويات والقشريات وبعض أسماك الأعماق. فهي تتمتع بقدرات توهج طبيعية تتيح لها إنتاج أضواء بديعة تتراوح بين الأزرق والأخضر والأحمر. ويعلل العلماء أسباب إنتاج تلك الكائنات الضوء بغايات عديدة، كدرء خطر الحيوانات المفترسة، واستدراج الفرائس، واجتذاب الشركاء للتزاوج. لكن ما سر احتضان البحار والمحيطات ذلك العدد الهائل من الكائنات المضيئة؟ وهناك تحقيق أخر عن عاصمتي ألمانيا واليونان اليوم، وهما على طرفي نقيض في أوروبا على الرغم من انضوائهما تحت راية الاتحاد الأوروبي واعتمادهما عملة واحدة. فبرلين مدينة ثرية تقود السياسات المالية في أوروبا، بينما تعاني أثينا الأمرين مع إفلاس اقتصادها المتعثر. ثمة نواح عديدة وراء تلك الصورة المتباينة: فأثينا مدينة جامدة متوترة عاجزة، يكتنفها مستقبل غامض وملتبس. في المقابل، برلين مدينة حرة منطلقة تركت وراءها فترة الاستبداد وباتت الأكثر انفتاحاً وترحيباً بالآخر بين سائر المدن الأوروبية، ولا يكدر صفوها سوى المشكلات الهامشية التي تصاحب نجاحها، ولا تكترث لما قد يحمله لها المستقبل.