تتهم معاهدة سايكس بيكو منذ توقيعها قبل مئة عام، على أنها سبب مشاكل منطقة الشرق الاوسط، لكن هل يمكن التسليم بهذه الفرضية وبتحميل "سايكس بيكو " مسؤولية الوضع والتقسيمات الجديدة في منطقة الشرق الاوسط. سؤال طرحته وكالة فرانس براس على مؤرخين لمحاولة فهم هذه الحقيقة.
وتنقل وكالة فرانس براس في هذا الاطار تأكيد المؤرخ والاستاذ في معهد كوليج دو فرانس هنري لوران ان سايكس بيكو والتي اعادت تقسيم الامبراطورية العثمانية "لا علاقة لها" بالحدود الحالية في منطقة الشرق الاوسط . حيث لم يتحدث النص الاول وفقه عن اقامة "دولة او عدة دول عربية" على الاراضي التي قسمت الى منطقتي نفوذ فرنسية وبريطانية. كما أشار الباحث الى ان الاتفاقات لم تشر الى "دولة يهودية ولا الى لبنان".
لكن عدم وجود دول موجودة حاليا هل يبرأ اتفاقية سايكس بيكو من التسبب في التقسيمات والصراعات الجديدة. المؤرخ جان بول شانيولو مؤلف "اطلس الشرق الاوسط يقول بأنه مسؤولية سايكس بيكو في رسم الحدود التعسفية في منطقة الشرق الاوسط هي رمزية فقط وموجودة في الذاكرة الجماعية لشعوب المنطقة التي تعتبر هذه الاتفاقية اهانة لها. بالاضافة الى ان عقود من المشاكل المختلفة قد تجد لها جذورا ما في اتفاقات سايكس بيكو".
في المقابل يرى لوران انه "يجب الكف عن لعب دور الضحية". ذلك أنه لم يتم التشكيك في سايكس بيكو بجدية منذ البداية لانها كانت تناسب الجميع" وفق وصفه . ويضيف لوران ان عدم الاستقرار الحالي "مرتبط خصوصا بنظام سياسي فاسد يبقي الحياة السياسية في المنطقة في لعبة تدخل ومشاركة قوى اقليمية ودولية" منذ القرن الثامن عشر ولا علاقة له باتفاقية سايكس بيكو.
أما عن ابرز الدول التي خسرت من اتفاقية سايكس بيكو فيرى جان بول شانيولو ان الفلسطينيين والاكراد هم اكبر الخاسرين حيث فرضت عليهم تقسيمات تعسفية ، مضيفا ان هذا الترسيم ادى الى قيام "دول بلا شعوب" مثل الاردن او "شعوب بلا دول" مثل الفلسطينيين والاكراد. ويوضح شانيلو أن الاكراد كادوا يحصلون على دولة. فقد حصلوا عليها في معاهدة سيفر (آب/اغسطس 1920) لكن توازن القوى على الارض غير الوضع".
اما بالنسبة للفلسطينيين، فلم تقض على آمالهم معاهدة سايكس بيكو بل اعلان بلفور في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 1917 الذي وعد باقامة "وطن قومي لليهود" في فلسطين.
وأن كان شانيلو يرى بأن سايكس بيكو فرضت حدودا على الشعوب ويجب اعادة الامور الى نصابها ألا أنه يؤكد بأن الشعوب وحدها قادرة على فرض ارادتها واعادة تحديد هذه الحدود وكسرها. ويدافع المؤرخ عن حق الفلسطينيين في انشاء دولة وعن حق اكراد العراق في ممارسة حقهم في تقرير المصير أما بالنسبة للاكراد فيقول شانيلو بأن الشروط لم تجتمع بعد لانشاء دولة كردية. اما بالنسبة لتنظيم الدولة الاسلامية الذي اعلن من جانب واحد في 2014 "دولة خلافة" تمتد بين سوريا والعراق. فيعتقد هنري لوران أن تنظيم الدولة الاسلامية "لم يلغ سايكس بيكو بل جسدها"، مشيرا الى ان المنطقة التي تسيطر عليها هذه المجموعة المتطرفة اليوم تنطبق على المنطقة التي كانت تخضع للنفوذ الفرنسي في السابق وتشمل بادية الشام.