تكتسي زيارة ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الى الولايات المتحدة أهمية كبيرة بالنسبة للبلدين لا لأنها محاولة لتجاوز ما لف العلاقات منذ فترة بل لما ستتيحه من فرص جديدة لتقوية ودعم التحالف التاريخي بين البلدين على أسس جديدة وبرؤية أكثر وضوحا.
وإن مثل غضب الرياض إزاء الاتفاق النووي مع إيران، وتصريحات الرئيس أوباما عن حلفاء الانتفاع المجاني، وصولا إلى تهديد السعودية بالتخلص من 750 مليار دولار، قيمة سندات لوزارة الخزانة الأمريكية وأصول أخرى تمتلكها الرياض، ومحاولة بعض الاطراف الامريكية إقحام السعودية في الملف السري لاحداث الحادي عشر من سبتمبر عوامل رئيسية في توتر العلاقات بين الرياض وواشنطن إلا أن فرص دعم التحالف التاريخي يبقى قائما في ظل ما سيضعه ولي ولي العهد السعودية محمد بن سلمان على طاولة القادة الامريكيين من عروض مغرية ورسائل قوية لعل أبرزها " ربما لم تعودوا تحبوننا أو تحتاجون نفطنا، لكن المملكة فرصة كبيرة للاستثمار" وهو ما تذهب إليه الصحفية كيم غطاس في مقال لها في موقع قناة بي بي سي.
تجاوز الخلافات السياسية بين البلدين والعمل على إستغلال فرص التعاون الاخرى التي ستتيحها خطة الاصلاح في السعودية قد تكون الرسالة الابرز للامير محمد بن سلمان التي يحاولها ايصالها للقادة الامريكيين. بما أنه يخطط لعقد اجتماعات في وول ستريت في نيويورك، وفي سيليكون فالي في كاليفورنيا، وذلك في محاولة لجذب الاستثمارات، في محاولة للانخراط في تعاون اقتصادي أعمق بين البلدين.
وتأتي زيارة ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد نحو أسبوع من إعلان المملكة عن خطة جريئة، لتحويل اقتصادها الذي يعتمد على النفط إلى اقتصاد يقوده القطاع الخاص من خلال تنويع مصادر الدخل، وخفض مستوى البطالة وترويج السياحة الإسلامية، وتنمية الصناعات الدفاعية المحلية. وهي الخطة التي علق عليها محمد اليحيى، المستشار سعودي، في صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية بأنها و إلى جانب التطورات الأخرى لا يجب أن تُرى كدليل على أن الدولة تضل طريقها، بل بدلا من ذلك يجب أن تُرى كعلامة على أن الدولة تقف على أعتاب التحول.
وتضيف "غطاس" أن الأمير الشاب يرغب في تقديم أوراق إعتماد المملكة العربية السعودية لا كحليف ينتفع بالمجان، لكن كشريك أفضل يمكن أن تراهن عليه واشنطن في المنطقة لما يقدمه من إمكانيات في ظل منافسة كبيرة من إيران في المنطقة وكذلك في نيل ثقة واشنطن.
كما تعتقد الصحفية كيم غطاس بأن السعودية تظل لاعبا رئيسيا في المنطقة حتى في ظل تراجع دور عدد من الدول العربية كمصر وسوريا بسبب الاوضاع التي تعيشها ومنافسة إيران وتهديداتها في المنطقة بما أنه لا يزال بإمكان المملكة رغم تراجع أسعار النفط أن تستخدم ثروتها كوسيلة ضغط سياسي، وأن تسوق خططها للإصلاح لنسج فرص تعاون أكثر إيجابية بالاضافة إلى موقعها الاقليمي والديني في منطقة الشرق الاوسط والعالم الاسلامي.