هزت مشاهد حلقة سيلفي التي جاءت بعنوان الجوع للكاتب سعد المدهش مشاعر المتابعين وصورت ويلات الجوع وتراجيديا الألم الذي عاشه الناس في الزمن الغابر.
واستدعت الحلقة الوجع الذي عاشه انسان الجزيرة وبينت كيف أن الجوع قادر على جر الإنسان إلى درجة من التردي حتى يصل إلى مرحلة يجبر فيها تحت وطأة الجوع والأزمنة الطاحنة إلى نيكروفيل (اكل موتى) وقد يهوي إلى درجة ادنى من الأنسان يجسد تلك الحالة عبدالاله السناني وعائلته حين يجبرهم الجوع ومشارفتهم على الهلاك طبخ عنز جارهم الميتة ويطعمون أبناءهم لحمها في تصرف شاذ ومقزز , ضمن تصرفات كثيرة شاذة ومقززة سوف يقوم بها أهل القرية بعد ذلك.
ولكن تصرف االأسرة هذا يشكل نقطة الهجوم في حبكة الحلقة , التي هي في الحقيقة مجرد تراكم لأسفل, فلا توجد حبكة بالمعنى المعروف او صراع واضح بين خصوم محددين, وانما هي حالة اشبه بالتراجيديات اليونانية القديمة حيث الأنسان عاجزا في مواجهة قوى القدر والطبيعة التي يمثلها هنا الجوع.
الحلقة ( لمن لم يشاهدها) تبدأ بحديث ناصر القصبي لأصحابه عن قصة الجوع الذي ضرب الجزيرة في زمن مضى وهكذا تبدأ الحلقة لتسلط الضوء على تلك الصور المؤلمة عن حياة الفقر والجوع في سالف الزمان.
تصور الحلقة حالة قرية تعيش مناحة وحزن وابناؤها يموتون جوعا فريم عبدالله نوير ام حصة وصل بها الامر الى ان تفكر في بيع ابنتها للتاجر " النخاس" الذي يزور القرية لتنقذ طفلتها من الجوع، وابو صالح " محمد الطويان" يتفاجأ بموت العنز التى كانت تدر لهم الخير ماتت من الجوع !
والسناني يواجه الموت والمصير المؤلم مع اسرته بسبب الجوع والذي دفعه واسرته الى اكل عنزة ابو صالح النافقة ! وهكذا تتوالى المشاهد في دراما الجوع والألم !
تتوالى مشاهد الحزن والفجيعة في حلقة الجوع التي تسلط الضوء على حياة الفقر والتشرد . تلك القصة التى يتداولها كبار السن في مجالسنا وتتناقلها الأجيال .
ومن اكثر المشاهد التي هزت المشاعر تلك اللحظة التي يتمكن فيها الجوع من مجموعة مسافرة عبر الصحراء فيصل بهم الجوع إلى ان فكر الرفقة في اكل ابن حصة الذي رافقهم في السفر من الجوع لولا ان الله وضع امامهم كلبة وجراءها ليأكلوها من الجوع فينجو الولد.
لتنتهى الحلقة بمشهد للقصبي واصدقاؤه وهم يتناولون طعام العشاء على حاشي بأكمله، في إشارة إلى واقعنا حين نتحدث عن الجوع والفقر ونستذكر قصص أسلافنا مع الجوع لكننا نفشل في تبني سلوك إيجابي يتعاطى مع هذا النعمة بما تستحقه من احترام وفشلنا الذريع في التغلب على ظاهرة الإسراف التي تشكل ملمحا وسلوكا ظاهرا نشاهده ونعيشه بشكل يومي.
مجددا أهمية هذا الطرح لتبصير الأجيال بالنعم العظيمة التي يعيشونها ووضعهم إزاء مشاهد حقيقية تنقل لهم تراجيديا الجوع وتصور ويلات الجوع وتجسد حجم المأساة الإنسانية التي عاشها أسلافنا وتبين صراعهم الوجودي مع الفقر والجوع والأزمنة السوداء وصولا إلى خلق عادات واعية يأتي شكر النعمة والابتعاد عن مظاهر البذخ والأسراف أحد أهم تلك الرسائل العميقة التي تحملها الدراما .