2015-10-10 

حامل أسرار ميتران وعرفات

سمير عطالله

عندما عيّن الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران الصحافي إريك رولو سفيرًا لدى تونس، خطر لي، بصفتي مواطنًا من هذا الشرق، أن ميتران أراد أن يكرِّم أشهر مراسل فرنسي في الشرق الأوسط، بمنصب دبلوماسي بعد ذهابه إلى التقاعد. أمضى رولو، المولود في القاهرة لعائلة يهودية باسم الياهو (إيلي) رفول، نحو ثلاثة عقود في «الموند». وعُرف بعلاقته الخاصة مع الرئيس عبد الناصر، والتقى معظم الرؤساء العرب، وأخيرًا ربطته صداقة قوية مع ياسر عرفات. أكثر من كان مطلعًا على أهمية هذه الصداقة بالنسبة إلى فرنسا، كان فرنسوا ميتران. وبعد انتقال القيادة الفلسطينية من بيروت إلى تونس، رأى أن في إمكانه الإفادة من صداقة رولو وعرفات لإقامة سياسة فرنسية جديدة حيال القضية الفلسطينية. توفي رولو عن 88 عامًا في بلدة هادئة جنوب فرنسا بعدما غطى لـ«الموند» أهم أحداث الشرق الأوسط وحروبه. وكلما كتب رسالة تلقّى بريد «الموند» عشر رسائل انتقادية، ما لبث أن أدرك أن خلف أسمائها المستعارة السفارة الإسرائيلية في باريس. وكانت مقالاته تُترجم في المستعمرات على أنها نموذج لخيانة اليهودي الضال. في المقابل، كان الصحافي الراحل أحمد شومان يهاجمه باستمرار في «النهار» على أنه ليس سوى الياهو رفول. ومن خلاله، كان يهدف إلى مهاجمة الناصرية. وكان رولو من أوائل الذين انسحبوا من الصحافة الورقية عندما أدرك أن التلفزيون (قبل الإنترنت) سوف يغير أذواق العالم. ومحل الصحافي الكبير والمؤرخ الذي كان يمضي الليل والنهار في البحث والمشاهدة والمقابلات، حل المراسل الشاب الذي يقدم، من مكان الحدث، ملخصًا عاجلاً، لأن الكاميرا لا تعطيه الوقت الكافي للغوص في الأعماق والأسباب. لعبت لغة رولو العربية دورًا مهمًّا، وربما الدور الأول، في الوصول إلى الزعماء والمصادر الأخرى. لم يكن في حاجة إلى مترجم يقرأ له ماذا تقول الصحف، أو يتسبب في حَرَج بينه وبين الزعيم الذي يقابله. أقحم نفسه في صداقاتنا وفي خصوماتنا. *نقلا عن الشرق الأوسط

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه