تسعى منظمات دولية حكومية وغير حكومية إلى الحد من تنفيذ عقوبات الإعدام، تحت مظلة حملة رسمية من الأمم المتحدة، في الوقت الذي ترى بعض الدول أن العقوبة التي تستمد من مصادر دينية واجتماعية منذ عدة قرون هي بطبيعتها رادعة، وتحد من إنتشار الجريمة. وبحسب تقدير للأمم المتحدة فقد ألغت أكثر من 160 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وهي دول ذات نظم قانونية وتقاليد وثقافات وخلفيات دينية مختلفة، عقوبة الإعدام أو لا تمارسها. ومع ذلك، ما زال السجناء في عدد من البلدان يواجهون الإعدام. وبالأمس، الاربعاء 4 مارس، عقد مكتب حقوق الإنسان في جنيف مناقشة رفيعة المستوى حول عقوبة الإعدام بمشاركة، إيفان سيمونوفيتش، الأمين العام المساعد لشؤون حقوق الإنسان. ودعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان، إلى الإلغاء العالمي لعقوبة الإعدام. وأوضحت المفوضية أنها تتخذ هذا الموقف لأسباب الطبيعة الأساسية للحق في الحياة؛ والمخاطرة غير المقبولة بإعدام أشخاص أبرياء؛ وعدم وجود أدلة على أن عقوبة الإعدام وسيلة رادعة للجريمة. وأوضح الأمين العام المساعد لشؤون حقوق الإنسان، إيفان سيمونوفيتش، أنه في الأشهر الستة الماضية، تم إلغاء عقوبة الإعدام في تشاد وفيجي ومدغشقر. وفي ديسمبر من العام الماضي، أيد عدد قياسي من الدول قرار الجمعية العامة الذي يدعو إلى وقف تنفيذ أحكام الإعدام بهدف إلغاء عقوبة الإعدام. ولكنه أضاف في حلقة النقاش رفيعة المستوى التي عقدت اليوم في جنيف تحت عنوان "الجهود الإقليمية التي تهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام والتحديات التي تواجهها في هذا الصدد"، "مع ذلك، وعلى الرغم من هذا التقدم، لا تزال هناك تحديات: فبينما نشهد تحركا نحو إلغاء عقوبة الإعدام في بعض البلدان، نشهد في أي مكان آخر تحركات نحو المحافظة عليها، أو حتى إعادتها." وأشار إلى أنه في عام 2013، بعد سنوات طويلة من الابتعاد عن عقوبة الإعدام، كان هناك مزيد من الدول تنفذ أحكام الإعدام ومزيد من الضحايا في عام 2012. وتبرر بعض الدول عقوبة الإعدام على أساس أنها مطلب الغالبية العظمى من السكان، أو أنه بدونها من المستحيل مكافحة الاتجار بالمخدرات أو الإرهاب. ومع ذلك، أكد سيمونوفيتش، أنه لا يوجد أي دليل على أن عقوبة الإعدام تردع أي جريمة. وأكدت لجنة حقوق الإنسان على ضرورة التركيز منع الجريمة على تعزيز نظام العدالة وجعله أكثر فعالية، مشيرا في هذا الإطار إلى أنه في الممارسة العملية، غالبا ما تطبق عقوبة الإعدام على الفقراء والمهمشين ، وليس على المنظمين الأقوياء لتجارة المخدرات. فيما جددت المملكة العربية السعودية تمسكها بحقها السيادي في تطبيق تشريعاتها المتعلقة بحق القصاص، التي تأخذ في الحسبان مراعاة حقوق الضحايا والجناة. وعلق رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر بن محمد العيبان أمام مجلس حقوق الإنسان خلال ترؤوسه وفد المملكة المشارك في المناقشة "إن الأنظمة العدلية كفلت حقوق الجاني والمجني عليه وحقوق المجتمع وسلامته، بالموازاة مع ما التزمت به المملكة من معاهدات واتفاقيات في مجال حقوق الإنسان". وأضاف "المملكة العربية السعودية تستند في نظامها الأساس إلى أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء، وهو الدستور والمنهاج في نظامها العدلي وأنظمتها الأخرى كافة، والتي كفلت تحقيق العدالة وحفظت الحقوق للجميع". وأكد الدكتور العيبان أن المملكة تجدد التأكيد على احترام الحق في الحياة بصفته أحد الحقوق الأساسية التي كفلتها الشريعة الإسلامية وقال: "لا يجب أن تنسينا دعوات إلغاء أو وقف تنفيذ حد القصاص حقوق الضحايا التي انتهكت من قبلِ الجناةِ، وهذا ما ينبغي أن ينظر إليه بالدرجة ذاتها من الاهتمام، وهو ما جعل الكثير من الدول تستمر في تطبيق العقوبة وفقاً لتشريعاتها وقوانينها، في ظل عدم وجود توافق دولي بشأنها". وأضاف : إن "تنفيذ حد القصاص في المملكة العربية السعودية لا يحكم بها إلا في الجرائم الأشد خطورة، التي تهدد أمن وسلامة المجتمع، وحقوق الأفراد، وبالدليل القطعي الذي لا يقبل الشك، وبعد نظرها من قبالة 13 قاضيًا عبر ثلاثة مستويات في المحاكم الابتدائية، ومحاكم الاستئناف، والمحكمة العليا"؛ مشدداً على حرص المملكة على تطبيق أقصى معايير العدالة وأهمها المحاكمةِ العادلة، بما يتفق مع التزاماتها الدولية.