العنوان ليس لي، بل هو ما اختاره الزميل خالد العمري عنواناً لتغطيته لجلسة مجلس الشورى الإثنين الماضي، التي ناقش فيها تقرير وزارة الإسكان، ونشرتها «الحياة» يوم الثلثاء. والحقيقة أني لم أجد عنواناً أصدق مما كتبه الزميل خالد، فالوضع المزري الذي وصلت إليه الوزارة، والتخبط الذي تعيشه، باتا أوضح من عين الشمس في رابعة الظهيرة. وللتذكير، فنقد مجلس الشورى لـ«الإسكان» ليس جديداً، ولا مفاجئاً لأحد، بل إنه جاء في السياق نفسه وباللهجة ذاتها التي تحدث بها أعضاء المجلس خلال استضافتهم لوزير الإسكان قبل شهر ونصف الشهر تقريباً، ولا شك في أن عبارة «رأينا أفلاماً ولم نر منتجاً» التي وجهها العضو سلطان السلطان للوزير، كانت أصدق وصف لتخبطات الوزارة وترنحها في كل اتجاه سوى الاتجاه الذي يحل الأزمة. الوزارة التي سبق أن انتقد أداءها الأمير متعب بن عبدالله، والأمير الوليد بن طلال، ومجلس الشورى في أكثر من جلسة، وكل كتاب الصحف تقريباً، تعودت بعد كل انتقاد إطلاق جملة من المواعيد والمسكنات التي سرعان ما يتأكد عدم صدقيتها. عودة لأبرز انتقادات «الشورى» باستعراض تغطيات بعض الصحف للجلسة، إذ نقلت «الحياة» أن «الوزارة لم تحقق من المرحلة الأولى سوى 1351 وحدة سكنية من 700 ألف ينتظرها مواطنون على قوائم السكن، وأن الوزارة تسببت في دخول عدد كبير من المواطنين في قروض مصرفية غير عادلة». «الشرق الأوسط» عنونت تقريرها بـ«الشورى ينتقد أداء الإسكان.. وإحصاءات تملك المساكن تثير الجدل»، وقالت إن «بعض مشاريع الوزارة لم تصل نسبة إنجازها إلى أكثر من 20 في المئة». بدورها، نقلت صحيفة «الجزيرة» عن العضو محمد الخنيزي قوله إن «الشق أكبر من الرقعة» لدى وزارة الإسكان، وإن «غالبية مشاريع وزارة الإسكان مضى عليها سنتان ولم تنجز»، مبيناً أن الوزارة عقدت 24 اجتماعاً مع مسؤولين لمناقشة وضع الإسكان، ولم نر نتائج تلك الاجتماعات سوى ضعف في الإنجاز وعدم تسليم السكن. صحيفة «المدينة» اختارت عنواناً هو «الشورى: مشاريع وزارة الإسكان لم تصل نسبة إنجازها إلى أكثر من 20 في المئة»، ونقلت عن المجلس أن «الوزارة في ظل الهوة المتفاقمة بين العرض والطلب التي ارتفعت إلى مليون وحدة سكنية، وتسجيل 170 ألف حالة زواج جديدة سنوياً، غير قادرة على الوفاء بأكثر من 10 في المئة من حاجة المواطنين سنوياً»، وأن «تفاقم العجز يوجب على الوزارة أن تفكر بأسلوب غير تقليدي لحل هذه المعضلة». وكان عنوان صحيفة «الشرق»: «الشورى يطالب بضخ جزء من مليارات الإسكان الـ250 لتسريع القروض العقارية»، وقالت إن «تلبية 10 في المئة من حاجة المواطنين سنوياً لا يتناسب مع حجم المملكة ووضعها الاقتصادي»، في حين عنونت صحيفة «أرقام» الاقتصادية الخبر بـ«أعضاء بالشورى يطالبون الإسكان بمعلومات عن المبلغ المُخصص لبناء 500 ألف وحدة». صحيفة «الوطن» بدورها زادت في عدد الأربعاء بتهديد رئيس المجلس البلدي في محافظة العيص بـ«التقدم بشكوى ضد الوزارة إلى أمير منطقة المدينة المنورة، إثر تزايد شكاوى السكان من عدم الجدية في تنفيذ المشروع الخاص بمحافظتهم»، و«أنه تقرر إمهال مسؤولي الإسكان 60 يوماً لإطلاق المشروع، وإلا سيكون الخيار الذي أمامهم تصعيد شكوى السكان إلى إمارة المنطقة». رد الوزارة بالوعود والمواعيد المعهودة جاء سريعاً، وقال متحدثها محمد الزميع بحسب صحيفة «عكاظ» الأربعاء إن «الوزارة ستخصص هذا العام 100 ألف منتج سكني للمستحقين، إضافة إلى توزيع 100 ألف قرض»، وإن «الوزارة ستحدد تواريخ مناسبة لتسليم المنتجات السكنية لمستحقيها بعد تحديد الوزارة لمشاريعها من أرض وقرض في جميع مناطق ومحافظات المملكة»، وإنه «سيتم وضع جدول زمني لها، وسيصدر الجدول هذا العام لإظهار ما لدى الوزارة من منتجات وتوزيعها في مواعيدها من خلال وسائل الإعلام». ولاحظ أن الرد كله بصيغة المستقبل، وكله غير مرتبط بمواعيد محددة وصادقة وملزمة للإنجاز على الوقت. والخلاصة، أن الوزارة فاقدة للرؤية، وفاقدة للخطة، وكل منجزاتها وعود ومواعيد لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا يُعقل ولا يُقبل أبداً أن يكون إنجازها بعد كل هذه السنوات قريباً للصفر، كما لا يعقل ولا يقبل أن يستمر تجميد الأموال المخصصة كل هذه الأعوام، فيما المواطن المستحق مستمر في دفع الإيجارات التي أثقلت كاهله، ويمني النفس بحق من حقوقه التي أمر بها قادة البلاد له، ولا يحصل عليها بسبب أن الوزارة عاجزة عن حل أزمة أعطيت لحلها كل التسهيلات والصلاحيات والأموال اللازمة.. ولله الأمر من قبل ومن بعد. *نقلا عن الحياة