تعد مدينة الملك عبد الله الاقتصادية ، نموذجا لمدن المستقبل التي تراعي التحديات الاقتصادية والنمو الديمغرافي. و تسعى السعودية من خلال هذه المدينة التي تعتبر أكبر مدينة في العالم بتمويل من القطاع الخاص إلى خلق بوابة تجارة عالمية تستجيب لكل متطلبات التطور والتقدم.
موقع mckinsey and company أورد في هذا السياق مقالا ترجمته عنه الرياض بوست ، أكد خلاله أن مدينة الملك عبد الله الاقتصادية التي تقع على بعد حوالي 100 كيلومتر شمال مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر، يتم إنشائها بشراكة بين القطاعين العام والخاص ، وتشيد هذه المدينة بالاعتماد على رأس المال الخاص بعيدا عن عائدات النفط مدينة الملك عبدالله الاقتصادية ، لذلك فهي صورة حية للمملكة دون الهيدروكربونات .
وتسعى المملكة من خلال هذا المشروع الرائد إلى إنشاء بوابة تجارة عالمية تستقطب شركات الخدمات اللوجستية وتتيح لها الوصول إلى الأسواق الإقليمية كما تستجيب لنسبة النمو السريعة في المملكة.
وتهدف مدينة الملك عبدالله الاقتصادية وفق المخطط الرئيسي لاستيعاب عدد سكان يقدر بمليوني نسمة على مساحة 181 كيلومترا مربعا ، وهو حجم واشنطن العاصمة الامريكية. وتتقدم اليوم الأشغال على نسبة 25 في المئة من المساحة الإجمالية. ويتوقع أن تكون هذه المدينة موطنا ل حوالي 10،000 شخص بحلول نهاية العام، فيما سيتم تطوير 40 في المئة من المنطقة المخططة بحلول عام 2020 ، حينها سيكون عدد السكان حوالي 50،000 شخص.
وقد صممت مدينة الملك عبدالله الاقتصادية لجذب صناعات جديدة إلى المدينة من خلال تلبية الطلب الكامن داخل المملكة العربية السعودية، خامس أكبر اقتصاد في المنطقة. فعلى سبيل المثال ، يتم استيراد 80٪ من الأدوية في المملكة العربية السعودية، لذلك تسعى هذه المدينة لاستقطاب شركات الأدوية الرائدة والمتخصصة في المستحضرات الصيدلانية .
في ذات السياق تقوم أكثر من 100 شركة عالمية ومحلية بإعداد عملياتها في المدينة في الصناعات غير النفطية ، بما في ذلك الأدوية والسيارات و الخدمات اللوجستية ، و السلع الاستهلاكية. وما يجعل مدينة الملك عبد الله الاقتصادية نموذجا من مدن المستقبل هو بنيتها التحتية التي تراعي كل التحديات والمتطلبات حيث يتم التحضير لانشاء ميناء في هذه المدينة ، وهو ميناء في المياه العميقة الأول من نوعه في المنطقة والذي ستكون له القدرة على إدارة 3 ملايين حاوية سنويا ، وهو ما سيؤدي إلى زيادة سكانية من المتوقع أن تصل 4.5 مليون نسمة في نهاية عام 2016 و 20 مليون في الوقت الذي يتم الانتهاء من ذلك في عام 2025 .
و من مزايا هذا الميناء هو أنه يرتبط بشبكة طرق وطنية لتسهيل النقل و بالتالي جذب الشركات التي تحتاج إلى تحسين فرص الوصول إلى السوق السعودي ، وسيتيح الميناء كذلك نظرا لموقعه للشركات شحن المواد الخام إلى السوق السعودية أو الخارج .
ولم يغفل القائمون على مخطط هذه المدينة التحديات الديمغرافية والاجتماعية لمدينة بهذا الحجم لذلك ستوفر مدينة الملك عبد الله التقتصادية لسكانها كل متطلبات العيش الكريم من مؤسسات تجارية ومحلات ملابس ، و أحياء ثقافية كما تبنى المجمعات السكنية في المدينة لتشجيع التفاعل حيث تتضمن مساحات خضراء، و مراكز الاجتماعية ، ومسارات تسهل الوصول إلى المرافق الترفيهية في المدينة .
كما تراعي هذه المدينة التطورات التكنولوجية المتسارعة لذلك فالمدينة مصممة للتكيف مع التكنولوجيات الناشئة والمستقبلية،كما تسعى المدينة لتحديث خطتها الرئيسية للتكيف مع التقنيات الحديثة حيث تطورت الخطة الرئيسية الأصلية لتشمل البصريات المتقدمة ، وشبكات ذكية متعددة الاستخدامات ، و مجموعة واسعة من أجهزة الاستشعار لإدارة عمليات المدينة. ومن المنتظر أيضا أن تحدث التكنولوجيا تغييرا عميقا في هذه المدينة سواء في الادارة أو لدى السكان حيث سيكون بإمكان السكان رفع تقرير حول القضايا البلدية مباشرة إلى إدارة المدينة من خلال تطبيق مخصص، يسمح للمعلومات أن تبث بسرعة وبأقل تكلفة خصوصا فيما يتعلق بخدمات الرعاية المجتمعية الضرورية ، كما تراقب غرفة التحكم المركزية الطرقات وتسعى للتقليل من حوادث السير و الجرائم ، ولتنسيق خدمات الطوارئ والأمن من خلال نظام معلومات المدينة .
ويختم الموقع المقال بمقارنة بين مدينة تل العمارنة في عهد الفراعنة التي تعد درسا في مخاطر بناء المدن و التي فشلت في بناء مدينة اقتصادية جذابة لجميع أنواع الناس ،سرعان ما اختفت في الصحراء وبين مدينة الملك عبدالله الاقتصادية التي تعد على العكس من ذلك تطبيقا لدروس الماضي لبناء المستقبل بمراعاتها لكل متطلبات البناء الاقتصادية والاجتماعية.