موضة الاستثمار في الفضائيات

عندي أن محطات البث الفضائي المرئية والمسموعة لن تظل متمكنة من علاقاتها العامة بالرغم من سير مشروعاتها الإعلانية على الطريق المطلوب، والسبب في رأيي أن المستهلك والضائقة المالية التي يمر بها سوف لا تجعله الهدف المستدام لمدخول الإعلان وأيضاً شراسة المنافسة بين تلك الفضائيات. والملاحظ الآن أنه حتى جمهور محطات الراديو وإرسال ال.. إف إم بدأ يعرج. إما ليقظة المعلن واكتشافه - ولو متأخراً - أن قاعدة المستمعين لا ترقى الى القوة الشرائية المأمولة. والمعلن النابه يدرس مردود إعلانه قبل الشروع في تنفيذه. ومن ضمن الدراسة معرفة عقلية قاعدة المستمعين. اذا رأيتم الفضائيات تُعلن عن "خصم خاص" فاعلموا أن توقعاتي تقترب من الصواب. قد نرى مرحلة تُعرض فيها تلك المحطات "للتقبيل". على فكرة.. فكلمة للتقبيل لا تستعمل إلا عندنا.. جميع الفضائيات في الوطن العربي، تقريباً، أنشئت بدافع عوائد ومردود إعلاني. ولاقت نجاحاً في بدايتها، لاتساع قاعدة الجمهور المستهدف في الإعلان، ووجدنا أسعار الإعلان (ذروة وعادي) تستجيب لشهوة المستثمر الى المال، وسارت الأمور على ما يرام لفترة قليلة، وجدنا بعدها أن الفضائيات، التي مهدت السبيل لاستضافة شبقنا إلى المعلومة، تنتقل من بلد إلى آخر بسبب ضخامة الكلفة الإدارية، وخسرت الكثير، ويبدو أن أولئك المستثمرين لم يعرفوا كيف يحسبوا..!!. ال.. بي بي سي البريطانية بتاريخها الطويل وتعدد لغات البث (27 لغة) لا تعلن. يكاد يكون التمويل ذاتياً بسبب وفرة مسالك الدخل من نشر وغيره. لا تعلن لأن قاعدة المستمعين «عقلاء» لا ينجذبون بسرعة الى إغراءات ووعود لا وجود لها. محطات الفضاء وال.. إف إم عندنا تعلن عن مساهمات عقارية لا تلبث أن تظهر فيها «حراديب» تجعل المستثمر يربطها بابتلائه، ويشتم تلك المحطة، وتلك الساعة التي سمع منها وفيها ذاك الإعلان. لأنه انخدع بسبب عروض مغرية.. وخيالية بثتها هذه المحطة أو تلك.