2015-10-10 

البعض يفضل صحراء دبي على أنوارها

الفرنسية

في دبي، كما هو الحال في نيويورك وباريس، تناطح البنايات السماء صباحا، وتغالب اضواءها أشعة النجوم المتراقصة في المساء، وبعكس ملايين السياح الذين ينجذبون إلى الفخامة المترفة للمراكز التجارية والفنادق الكبرى، في الإمارة التي يعلوها برج خليفة الأطول في العالم، يفضل الكثير من الأجانب المقيمين في الإمارة هدوء الصحراء لتمضية أوقات فراغهم. ما أن تحل عطلة نهاية الاسبوع، يهرب الخبير العقاري محمد اقسان من غابة الاسمنت في دبي باتجاه الصحراء بحثا عن الهدوء والصفاء بعيدا عن زحمة الحياة في مدينة أصبحت عاصمة أقليمية للمال والأعمال. وقال اقسان لوكالة فرانس برس في مخيم بالقرب من واحة سويحان "إن سحر الصحراء لا يقاوم". للوصول إلى الصحراء، يلتحق محمد اقسان بمجموعة من السيارات الرباعية الدفع، الضرورية للقيادة في الرمال الناعمة. وتمثل رحلات الصحراء بالنسبة لمحمد اقسان فرصة لتجديد النشاط قبل اسبوع جديد في العمل. وقال إن "الضجيج والتلوث غير موجودين في الصحراء. هنا نعيد تصويب ساعتنا البيولوجية لنعود بنشاط الى العمل". وتبدو المغامرة مثيرة وخطرة في نفس الوقت، فلا بد أن تترافق مع بعض التدابير الاحترازية، فضلا عن روح التعاون المطلوبة لمثل هذه الرحلات، ويتم اختيار موقع كل مركبة في الموكب كما يتم خفض ضغط الهواء داخل العجلات إلى النصف لتحسين الاداء على الرمال، ويتم التأكيد على استخدام أحزمة السلامة. وإذا ما علقت احدى السيارات في الرمال، تأتي السيارات الأخرى لمساعدتها بازالة الرمال من حول العجلات أو بسحبها بالحبال بواسطة سيارة اخرى. ولا يثني هذه الامر هواة القيادة في الصحراء، بل أنهم يعتبرونه جزءا من متعة الرحلة. وقال المهندس الاميركي العامل في مجال الطيران انتوني الان لوكالة فرانس برس ان الرحلات الى الصحراء "تشكل فرصة للهروب من صخب المدينة وازدحام الطرقات ... انها مكان رائع". اما الاوكرانية ليودميلا بيختينا المعتادة على البرد القارس في بلادها، فرأت ان درجات الحرارة هنا ممتازة بكل بساطة. وقالت بينما كان نسيم الصحراء البارد ينساب بلطف عبر المخيم "ان الطقس جميل جدا ... كما أنه يمكننا أن نرى النجوم" في وقت تحجب فيه غمامة من الغبار والرطوبة المقرونة بالاشعاع الضوئي القوي، نور النجوم الخافت في دبي. وتقدم شركات سياحية كثيرة خدمة التجول في الصحراء مع الاستمتاع بالكثبان الرملية على متن سيارات رباعية الدفع، إلا أن عشاق الصحراء الحقيقيين يفضلون أن يخوضوا المغامرة بأنفسهم ويستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لتنظيم رحلاتهم. وقال اسلام منطاوي الذي شارك في تأسيس موقع "ابو ظبي اوف رودرز" إن "الانترنت يسمح لنا بان نتجمع". وبات الموقع يضم حوالى خمسة الاف عضو من محبي الرحلات الصحراوية. ومنطاوي الذي يعمل نائبا لرئيس مصرف في الامارات، ينزع كل اسبوع البدلة وربطة العنق ويلبس ثيابا خاصة بالصحراء ليقود مع اصدقائه مجموعة من المبتدئين في الرحلات الصحراوية، التي تختتم بسهرة حول النار في موقع هادئ. إلا ان هذه النشاطات قد تؤثر سلبا على البيئة الصحراوية ذات التوازن الهش، فابتلاع اكياس البلاستيك الذي يتركها زوار الصحراء يعد من الاسباب الرئيسية لنفوق الجمال. وبحسب جمعية "حماة الحياة البرية" الاميركية فان النشاطات العسكرية والمخلفات التي يتركها المخيمون تهدد الحياة النباتية والحيوانية في الصحراء. ويعي كثيرون من محبي الصحراء اهمية الحفاظ على التوازن البيئي، الا ان آخرين يتجاهلون التحذيرات ويتركون مخلفات وقمامة في مواقع التخييم. وقالت هديل بلبيسي، وهي مسؤولة موارد بشرية في شركة محلية، ومن هواة القيادة في الصحراء "نتجنب المناطق التي تنبت فيها الاعشاب والنباتات، ونقوم بجمع القمامة". وقلة هم الذين يضيعون في الصحراء، فغالبا ما يكون هناك شخص متمرس في كل مجموعة، بينما يستخدم محبو الصحراء تقنيات ال"جي بي اس" لتحديد موقعهم، وكذلك تقوم الشرطة بالرد سريعا على اي نداء نجدة يصلها عبر الهاتف من الصحراء.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه