دقت إيران الباب في صنعاء، فأتاها الجواب من الرياض. انقضت ميليشيا الحوثي، المسماة أنصار الله، على السلطة في اليمن، وحبست رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الدفاع في منازلهم، وصل اليمن لطريق مسدود. أفلح الرئيس هادي في التملص من سجانيه، والوصول لعدن، ومثله فعل وزير الدفاع الصبيحي، الذي خدع الحوثيين في البداية. انتقلت الشرعية من صنعاء لعدن، وباشر الرئيس صلاحياته، أسقط في يد الحوثيين، ومن خلفهم إيران الخمينية. الآن المحاصر هو الحوثي، هو وداعمه الخفي علي عبد الله صالح ومؤتمره العام، والشرعية بيد الرئيس هادي، والمجتمع الدولي معه، ليأتي الختام بتوجيه الرئيس اليمني الشكر لخادم الحرمين الملك سلمان على دعمه، والطلب باحتضان دول الخليج العربية لحوار يمني في الرياض، فتوافق السعودية، بعد التشاور مع قادة دول الخليج. هذه كما يقال «ضربة معلم» خليجية في الرياض. إيران تجيد لعبة الاستعراض والانتفاش الطاووسي، في محاكاة لتصرفات الكائنات في الطبيعة. من هذه اللقطات الاستعراضية الانتفاشية، ما قاله – حسب وكالة (إسنا) الإيرانية للأنباء - علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني للشؤون الدينية والأقليات، إن إيران عادت إلى وضع الإمبراطورية كما كانت طوال تاريخها، والعراق بات عاصمة لهذه الإمبراطورية. شعور عدواني ممتزج بالروح السياسية والنشوة القومية الإيرانية بشكل يقارب الداء العضال. ثمة كتاب أميركي - مغرم بالهوى الفارسي - عنوانه «الشيطان الذي نعرفه.. التعامل مع إيران كقوة عظمى». مؤلفه روبرت بير، محلل سابق في «سي آي إيه»، يذكر أنه حضر مقابلة بطهران مع رفسنجاني قال فيها: «الملالي في طهران يعرفون أن عليهم واجب إعادة المجد الفارسي التليد». هذه الشنشنة الفارسية الإمبراطورية، كانت لب الدعاية بعهد الشاه، وهذا مفهوم باعتباره حكما دنيويا، لكن كيف يستقيم هذا الفخار «الجاهلي» طبقا لأدبيات الإسلاميين، مع دعوى الوحدة الإسلامية والمرشد هو «ولي أمر المسلمين»؟! هل هذه الثرثرات الأصولية، مجرد غطاء لحلم إمبراطوري قديم. ليس هذا كلامنا، بل كلام أهل الدار، حتى من خصوم دولة الملالي. فالأميركي من أصل إيراني ولي نصر أستاذ دراسات الشرق الأوسط وجنوب آسيا في الأكاديمية البحرية الأميركية، له كتاب بعنوان «صحوة الشيعة»؛ خلاصته: تشجيع أميركا للمراهنة على الشيعة ضد السنة. نصر في كتابه الذي تلقفته نخبة أميركية بالمديح، وعلى الرغم من أنه يقدم نفسه ليبراليا، أشار لقاطرة هذه الصحوة المتمثلة بثورة ودولة «الولي الفقيه» في إيران، باعتبارها ركيزة هذه الصحوة. إدارة أوباما في غيبوبة وفقدان اتصال بكل هذه الحساسيات العالية في المنطقة، جهلا أو تجاهلا، مصرة على أن الانفتاح على إيران الخمينية هو الحل، ولا حل سواه. وما زالت مصرة لولا الممانعة الجمهورية، لذا كان السيناتور الجمهوري ميتش مكونيل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي، حين وصف إيران بـ «إثارة المتاعب» في الشرق الأوسط بما فيه سوريا. هل انتقضت المنمنمة الفارسية في صنعاء، قبل أن تكتمل؟ إلى الرياض.. *نقلاً عن "الشرق الأوسط"