2016-12-18 

الصناديق السيادية الخليجية.. الرقم الصعب في الاقتصاد العالمي

من باريس فدوى الشيباني

رغم المخاوف الكبيرة التي اثارها تراجع أسعار النفط خلال العامين الماضيين على الإقتصاديات الخليجية، إلا أن الحكمة التي تعاملت بها هذه الدول مع هذه الأزمة،بالإعتماد على صناديقها السيادية أثبتت نجاحها وأكدت أيضا بأن صناديق الثروة السيادية الخليجية ما زالت لاعبا أساسيا في الاقتصاد العالمي. 

 

 

صحيفة  La tribune  الفرنسية أوردت في هذا السياق تقريرا ترجمته عنها الرياض بوست، أكدت فيه بأن المستشار الأول  في صندوق ارديان الاستثماري عيسى توازي دافع كثيرا على هذه الفكرة  من خلال تقرير له بعنوان "السماء هي حدهم..قادة الخليج تأثيرهم واستراتيجيتهم.

 


ويشير توازي في هذا الاتجاه إلى أن الإعلان الأخير لعملية الاستحواذ التي  نفذتها هيئة الاستثمار القطرية على حصة تصل إلى 20٪ في شركة روسنفت، ثاني أكبر منتج للنفط الروسي، بمبلغ يفوق  10 مليار يورو، قد فاجأ العديد من المراقبين الماليين الذين شككوا في قدرة  صناديق الثروة السيادية الخليجية على التأقلم وعلى ان تكون حلا للازمة  المالية التي تشهدها هذه الدول.

 

 

قوة الصناديق الاستثمارية الخليجية وتأقلمها مع الوضع الصعب أكدها ايضا صندوق الاستثمارات العامة السعودي وهو الذي عقد  في الأشهر الأخيرة، صفقات ضخمة ومهمة  بداية من إعلانه إنشاء صندوق استثماري بأكثر من 100 مليار دولار مع مجموعة سوفت بانك اليابانية، بالاضافة لاستثماره 3.5  مليار دولار في رأس مال شركة اوبر الامريكية.

 

 


يأتي ذلك في ظل عجز مالي كبير سجلته كل الدول الخليجية بسبب انخفاض اسعار النفط التي تعتبر مصدر العائدات الأول في هذه الدول، غير ان تعامل حكومات هذه الدول بذكاء مع هذه الأزمة وإستخدامها الحكيم للأموال التي كدستها طيلة السنوات الماضية في صناديقها السيادية اثبت قدرتها عل  التأقلم مع الأزمات وقوة صناديق الاستثمارات الخليجية في الآن ذاته.

 

 

ورغم صيحة الفزع التي اطلقها المراقبون حول معضلة تراجع العائدات النفطية في هذه الدول الى ان اعتماد العواصم  الخليجية على صناديق استثماراتها من خلال العمل على بناء مدخرات طويلة الأجل للأجيال القادمة للحد من الاعتماد على النفط و تنويع الاستثمارات الاستراتيجية، سواء على المستوى القطاعي والجغرافي أكد الدور الكمحوري والمركزي لصناديق الثروة في الخليج العربي . 

 

 

ولا تتوقف أهمية هذه الصناديق عند الحدود الجغرافية للدول الخليجية فقط، بما أن صناديق الاستثمارات الخليجية أثبتت ولا تزال تثبت بأنها رقم صعب في الإقتصاد العالمي، والتاريخ يحفظ انه و في عام 2007 انقاذه الصناديق الاستثمارية الخليجية البنوك الاوروبية من الافلاس، حيث قدم على سبيل المثال جهاز ابوظبي  للاستثمار 7.5 مليار دولار لسيتي بنك لانقاذه من الافلاس.

 

 

اهمية تؤكدها دراسة أعدها معهد صناديق الثروة السيادية (SWFI)، الذي كشف بأن أصول  صناديق الثروة السيادية في  الدول النفطية في العالم بلغت حدود 400 مليار دولار في عام 2016،  250 مليار دولا منها هي أصول في صناديق الاستثمارات الخليجية.

 

 

إلى ذلك تسعى الدول الخليجية إلى تعويض العجز في الميزانية من خلال الاعتماد على سيولة الصناديق السيادية، في سباق مع الزمن لتحقيق التنويع من خلال إطلاق إصلاحات هيكلية عميقة، مثل خفض الدعم، وإقرار  ضرائب إضافية وتعزيز القطاع الخاص. 

 

 

وهو ما تعتمده  المملكة العربية السعودية في سعيها  الكبير نحو التغيير من خلال  رؤية  السعودية 2030 التي تهدف لزيادة الإيرادات غير النفطية من 43.4 إلى 70.4 مليار يورو في خمسة عشر عاما.

 

 

في الوقت الذي يؤكد فيه ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان   بأن الهدف من هذه الخطة  هو إنهاء "الإدمان غير الصحي" على النفط . 

 

 

و لتحقيق هذه الاستراتيجية، تعمل الرياض على إنشاء صندوق ثروة سيادية عملاقة بأكثر من 2000 مليار دولار يكون المصدر الرئيسي للدخل في المملكة، و يتم تمويله من خلال خصخصة العديد من الشركات العامة، بما في ذلك شركة  أرامكو العملاقة .

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه