رغم أن الإنطباع الأولي يضع الولايات المتحدة الامريكية دائما في المقدمة عند الحديث عن حليف إستراتيجي للسعودية والدول الخليجية عموما إلا أن قيمة وفاعلية المملكة المتحدة في المنطقة يجعلها شريكا وحليفا لا يقل قيمة عن واشنطن.
صحيفة Arab Weekly أوردت في هذا السياق تقريرا للباحث في المجلس الوطني للعلاقات العربية الاميركية فهد ناظر ترجمته عنها الرياض بوست اكدت فيه بأنه وعلى الرغم بأن الولايات المتحدة تعد أول بلد غربي يتبادر إلى الذهن عندما تفكر الأغلبية العظمى من السكان الشباب في البلدان العربية في حليف استراتيجي لا غنى عنه، إلا أن المملكة المتحدة كانت منذ أوائل السبعينات، كانت وجود قوي وإنتشار واسع في المنطقة.
تاريخيا تبدو علاقة بريطانيا بالمنطقة عميقة جدا فباستثناء المملكة العربية السعودية، كانت معظم دول مجلس التعاون الخليجي وميناء عدن اليمني إما محميات بريطانية رسمية أو كانت تتمتع بعلاقات سياسية وعسكرية واقتصادية وثيقة مع بريطانيا.
هذا يشير الخبير إلى أنه و في حين لم تمارس بريطانيا أبدا نفس المستوى من النفوذ في المملكة العربية السعودية، كان مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة الملك عبد العزيز آل سعود يدرك جيدا هيمنة بريطانيا في العالم ووجودها ونفوذها في المنطقة، لذلك حرص على إنشاء وصيانة علاقات جيدة مع البلاد.
هذا و يعزى تاريخ العلاقات البريطانية السعودية وفق الباحث إلى تأسيس المملكة العربية السعودية الحديثة في عام 1932 بفضل البراغماتية التي تميز السياسة الخارجية السعودية، حيث سعى الملك عبد العزيز إلى إقامة علاقات وثيقة مع بريطانيا.
وقد أكدت زيارة قام بها مؤخرا رئيس الوزراء البريطانى تيريزا ماي العلاقات المفيدة للطرفين التى تحظى بتأييد واسع من المسؤولين الحاليين والسابقين فى كلا البلدين.
وتعتبر المملكة العربية السعودية أكبر سوق لبريطانيا في الشرق الأوسط، حيث تشكل 20٪ من صادرات السلع والخدمات للمنطقة في عام 2011. وتقدر التجارة الثنائية الإجمالية بنحو 18.7 مليار دولار سنويا كما تقدر الحكومة البريطانية أن أكثر من 6000 شركة محلية تصدر بنشاط إلى المملكة العربية السعودية.
كما تعد بريطانيا ثاني أكبر مستثمر تراكمي في المملكة العربية السعودية بعد الولايات المتحدة. وهناك ما يقدر بنحو 200 مشروع مشترك بريطاني - سعودي باستثمار إجمالي يزيد عن 13.5 مليار دولار. كما تعد المملكة العربية السعودية مصدرا للاستثمار في المملكة المتحدة حيث تبلغ استثماراتها 77 مليار دولار.
ويشير الباحث في المجلس الوطني للعلاقات العربية الاميركية فهد ناظر إلى أن بريطانيا والسعودية تخططان الى تعميق التعاون الاقتصادى ففي العام الماضي، أعلنت المملكة العربية السعودية عن حزمة طموحة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية المعروفة باسم رؤية 2030 التي تسعى إلى الحد من اعتماد المملكة على عائدات النفط. ومن العناصر الرئيسية لنجاح المبادرة جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
من جانبها حددت الحكومة البريطانية المملكة العربية السعودية ك "سوق نمو كبير" في الوقت الذي ،صوتت فيه بريطانيا على ترك الاتحاد الأوروبي وإطاره المتعدد الأطراف، لذلك تبدو لندن حريصة على تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي وبهذه الغاية، عقدت لقاءات مع وزير الطاقة السعودي خالد الفالح.
من جهتها عملت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي خلال زيارتها للسعودية مؤخرا على عقد لقاءات رفيعة المستوى مع عدد من المسؤولين السعوديين حيث تحدثت مع الملك سلمان و اجتمعت أيضا مع الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، التي تقود جهودا لدفع التربية البدنية والرياضة بين الفتيات والنساء.
وسلطت الحكومة البريطانية الضوء خلال هذه الزيارة على ما تم إنجازه ، بما في ذلك الدور الاستشاري الهام الذي تقدمه بريطانيا للمملكة العربية السعودية فيما يتعلق بإصلاح وزارة الدفاع، فضلا عن مؤسسات الرعاية الصحية والتعليمية.
وبينما اقترح النقاد خفض دعم بريطانيا للمجهود الحربي السعودي، وشكك آخرون في جدوى العلاقة تماما،فلم تتوانى ماي على تذكير المنتقدين بأنه "يجب علينا ألا ننسى أبدا أن المخابرات التى تلقيناها فى الماضى من ذلك البلد قد أنقذت مئات الأرواح المحتملة فى المملكة المتحدة."