انتقدت الإدارة الأميركية التحرك البريطاني للحصول على عضوية المؤسسين لبنك التنمية المدعوم من الصين. وأثارت الولايات المتحدة تساؤلات بشأن التزام البنك بالمعايير الدولية للحوكمة، وخضوع البنك الجديد للمعايير التي يخضع لها بنك التنمية الأسيوي. نشرت صحيفة فاينانشال تايمز تقريرًا يشير إلى أن وجود حالة من الاستياء في أروقة البيت الأبيض تجاه الطلب البريطاني، ترى أن الجهود الصينية في هذا الشأن لا تتجاوز كونها خدعة تستهدف النيل من تحكم الولايات المتحدة في النظام المصرفي العالمي. وأقنعت الولايات المتحدة حلفاءها الإقليميين بالابتعاد عن هذا المشروع من بينهم أٍستراليا وكوريا الجنوبية واليابان. ونسب التقرير إلى مصدر مسؤول بالإدارة الأميركية قوله أن "القرار البريطاني اتخذ دون استشارة الولايات المتحدة". وأعرب المسؤول الأميركي عن قلق الولايات المتحدة إزاء الاتجاه إلى التوافق الكامل مع الصين من قبل بعض الدول. وأشارت المستشارة الاقتصادية للرئيس الأميركي السابق جورج بوش بيبا مالمغرين،لبي بي سي إلى أن "الانتقادات الأميركية للخطة البريطانية غير متوقعة". وأضافت أنه "من الغريب أن تنتقد الولايات المتحدة بريطانيا علنًا، لافتة إلى أنّ تركيز واشنطن على الشؤون الداخلية كان السبب وراء عدم تكوين رؤية أميريكية واضحة للتحرك البريطاني". وبدوره قال المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن "هناك أوقات سوف تختلف فيها طرق تعاملنا مع الأمور"، في إشارة إلى الانتقادات التي نادرا ما توجهها الولايات المتحدة إلى بريطانيا. وتصر بريطانيا على أنها سوف تطالب البنك بالالتزام لإجراءات الرقابة المصرفية. يقول المتحدث باسم كاميرون "نعتقد أنه مطالبة البنك بذلك تصب في الصالح العام البريطاني." أكد المتحدث باسم رئيس وزراء بريطانيا أنّ "وزير المال البريطاني جورج أوسبورن ناقش إجراء التقدم لعضوية بريطانيا في البنك الأسيوي مع نظيره الأميريكي قبل الإعلان عن الطلب البريطاني". وأوضحت وزارة المال أنّ "انضمام بريطانيا إلى البنك الأسيوي لاستثمارات البُنى التحتية في مرحلة التأسيس سوف يوفر فرصة نادرة لكل من بريطانيا وآسيا للاستثمار وتحقيق النمو معا" بينما أشارالمتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي باتريك فينتريل إلى أنّ "أي مؤسسة مصرفية متعددة الأطراف ينبغي أن تنصاع للمعايير الخاصة بالبنك الدولي وبنوك التنمية الإقليمية". وتجدر الاشارة إلى أن بريطانيا هي أول دولة بين الاقتصادات الغربية الكبرى التي تتقدم للحصول على عضوية البنك الآسيوي لاستثمارات البُنى التحتيةـ وأن هذه العضوية تعتبر فرصة واعدة تبشر بالمزيد من الفرص أمام الشركات البريطانية للاستثمار في أسرع أسواق العالم نموا. وكشف خبراء مصرفيون أنه عند الأخذ في الاعتبار القيمة الاسمية لرأس المال، سوف تستحوذ الصين على 67 % من إجمالي أسهم البنك الجديد. يطالب الخبير الاقتصادي دايفيد كو، لبي بي سي إن "بريطانيا بتتحرى الدقة فيما يتعلق بعدم قدرة أي من الدول المؤسسة للبنك الأسيوي على الانفراد بالتحكم في إدارة البنك قبل أن توقع اتفاقية العضوية." وأضاف أنه "بإمكان بريطانيا التفاوض بشأن حقها في الاعتراض على قرارات إدارة البنك الأسيوي، إلا أن فرص الحصول على حقوق خاصة بهذا الصدد ضعيفة." وبشأن المنافسة المتوقعة بين البنك الأسيوي لاستثمارات البُنى التحتية من جهة، والبنك الدولي، وبنك التنمية الأسيوي، قال كو إن "هناك الكثير من مشروعات البُنى التحتية التي تنتظر التمويل من تلك الجهات، ولا تكفي مصادر التمويل الحالية جميع متطلبات التمويل الخاصة بتلك المشروعات". وفي ذات السياق أعلن رئيس البنك الدولي جيم يونغ دعمه للبنك الأسيوي لاستثمارات البُنى التحتية في مؤتمر صحفي انعقد أخيرا. وطالب يونغ بانفاق المزيد على البُنى التحتية، معلنًا ترحيبه ببدء البنك الأسيوي لاستثمارات البُنى التحتية عمله فعليا". كان الأعضاء المؤسسين للبنك الأسيوي قد اتفقوا على أن تكون المعايير الأساسية لتحديد هيكل رأس المال الخاص بالبنك سوف يكون المعدل النسبي للناتج المحلي الإجمالي. ومن المقرر أن يمول البنك الأسيوي لاستثمارات البُنى التحتية، الذي تأسس بمشاركة 21 دولة من بينها تيالاند، والهند وسنغافورة وتتقدمهم الصين في أكتوبر الماضي، مشروعات الطاقة والنقل والبُنى التحتية. ولكن بحلول نوفمبر ، أبدى رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت دعما فاترا للبنك الأسيوي لاستثمارات البُنى التحتية مؤكدا على أهمية توافر الشفافية في جميع الإجراءات الخاصة بالبنك. واتفق باراك أوباما مع أبوت فيما ذهب إليه من ضرورة تحري الشفافية في جميع الأمور المتعلقة بالبنك المدعوم من الصين، في لقاءه مع أبوت على هامش قمة بكين العام الماضي. وأضاف أوباما أنه من الضروري أن يكون البنك قابلا للمسائلة وأن يكون متعدد الأطراف بالفعل. قال الرئيس الأمريكي إن "هناك قواعد ملزمة لابد من اتباعها، وهي القواعد التي يفرضها البنك الدولي وصندوق النقد وبنك التنمية الأسيوي وغيرها من القواعد اليت تفرضها المؤسسات الدولية ذات الصلة." الانفراد بالإدارة. يُذكر أن هيكلة رأس المال ببنك التنمية الأسيوي تختلف تماما عن الطريقة التي اختراها مؤسسو البنك الأسيوي لاستثمارات البُنى التحتية التي تشبه هيكلة البنك الدولي إلى حدٍ كبيرٍ منذ تأسيسه عام 1966. تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة واليابان تمتلكان الأكبر من رؤوس أموال البنك الدولي، ما يضمن عدم انفراد دولة بعينها بالتحكم في البنك.