تتجه المملكة "كزعيم" تاريخي لمنظمة" اوبك "، مدفوعة بضباب التقلبات المستمرة في سوق النفط والمغامرات التركية في سوريا، وسياسة الولايات المتحدة الطاقية، إلى تعزيز مكانتها الجيوسياسية من خلال تعميق التعاون مع موسكو .
قناة روسيا اليوم أوردت في هذا السياق تقريرا ترجمته عنها الرياض بوست أكدت فيه أن إستضافة الرياض لعدة اجتماعات هذا الأسبوع بين المسؤولين السعوديين والروس، اختتمت بصفقات طاقية ضخمة، غيرت مشهد التحالفات والتوازنات في المنطقة.
ويضيف التقرير أن هذه التطورات تأتي بعد أن إقترحت روسيا الاستثمار في الاكتتاب العام لشركة أرامكو، ودعم جهود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع اقتصاد المملكة، " وخلال الاجتماعات، لم يتم إغلاق صفقات الاستثمار السعودية الجديدة في روسيا فحسب، بل أيضا تم إعلان التزام العديد من الأطراف الاستثمارية الروسية بالاستثمار في الاكتتاب العام لشركة أرامكو."
من جهته أكد كيريل دميتريف، الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي الرئيسي، في الرياض إنه يتوقع أن يكون صندوق الاستثمار المشترك الروسي والصيني، بالتعاون مع العديد من البنوك الروسية الكبرى، جزءا من إكتتاب أرامكو .
وأشار أيضا إلى أن المؤسسات والمستثمرين الماليين الروس مهتمين جدا بحصة 5٪ من أرامكو التي سيتم طرحها في الاكتتاب العام.
وتعتبر هذه التصريحات وفق التقرير" دفعة هامة لولي العهد ومستشاريه لضمان نجاح الاكتتاب العام، كما أن مشاركة صندوق استثمار روسي صيني يظهر أيضا اهتمام الأطراف الصينية بهذه الصفقة".
وبينما من المتوقع ان تكون الشركات الصينية مستعدة لضخ عشرات المليارات في السعودية، فان تصريحات دميتريف قد وسعت نطاق استثماراتها ، فالشركات الروسية والصينية المهتمة بالاستثمار في المملكة لن تشمل فقط شركات النفط والغاز، بل أيضا شركات كبرى في مجالات أخرى.
وبالاضافة إلى طرح أرامكو، فإن العلاقة الودية بين موسكو والرياض، التي بلغت اوجها بالفعل في اتفاقية خفض الانتاج الحالية بين أوبك والمنتجين من خارج وبك، وصلت الآن إلى مستوى استهدفه بوتين و ولي العهد الأمير محمد بن سلمان العام الماضي وفق التقرير.
حيث إتفق الجانبان على توسيع التعاون لتصل قطاعات النفط والغاز الروسية، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال.
وفي ذات السياق أكدت مصادر روسية قريبة من الكرملين أن ارامكو التى دعيت من قبل للمشاركة فى مشروعات الغاز الطبيعى المسال فى روسيا سوف تدخل فى خطة استثمارية كبرى للغاز الطبيعى المسال فى القطب الشمالي.
وفي العام الماضي، قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن شركة أرامكو مدعوة للاستثمار في مشروع نوفاتيك، مشيرا أن هذه الصفقة الاستثمارية ستصبح جزءا من استراتيجية أرامكو في قطاع الغاز.
وبقدرة استيعابية قدرها 18 مليون طن سنويا، من المتوقع أن يكون المشروع قيد التشغيل في عام 2023.
هذا وقد طغى الاكتتاب العام المرتقب لأرامكو و مشروع الغاز الطبيعي المسال المشترك، جزئيا على حقيقة أن صفقات الطاقة الرئيسية الأخرى قد قدمت أيضا.
وصرح دميتريف للصحافة بأن صندوق التنمية والاستثمار العقاري السعودي وصندوق الاستثمارات العامة و أرامكو سيوقعان قريبا صفقات استثمار أخرى.
وتشمل واحدة من هذه الصفقات الاستثمار في شركة أوراسيا الحفر، الحفار، وهو ما يعد حلم بدأ في التحقق بالنسبة لشركات الحفر الروسية، التي كانت تسعى للمنافسة على مشاريع الحفر في الخارج أو في المملكة العربية السعودية لسنوات، ولكن دون نجاح، ذلك أن حتى المحاولات التي قامت بها شركة "غازبروم دريلينغ" المرتبطة بالرئيس الروسي "بوتين" لدخول السوق السعودية لم تنجح حتى الآن.
وفي سياق متصل دعا التقرير إلى تقييم واستثمار التعاون "الزاحف "بين البلدين "فعلى الرغم من أن العديد من الروس في مجال النفط قالوا إنهم يرون أن روسيا سرعان ما ستترك صفقة اوبك، فإن مناقشات الاستثمار الحالية مع السعودية ستمنع أي قرارات متسرعة."
ويشير التقرير أن روسيا والرياض لديهما مصالح مشتركة أخرى تتعلق أساسا بالقضايا الإقليمية الخليجية مثل سوريا وإيران والعراق، حيث عبر بوتين عن تقديره للانفتاح الذي قدمه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في عدد من الملفات الاقليمية، وهو ما يعطي لموسكو طريقا مباشرا لتحديد أسعار النفط والغاز، في حين يقوض أيضا الهيمنة الأمريكية التاريخية في المنطقة.
ويختم التقرير بأنه و "بما أن النفط والغاز مرتبطان بالاستقرار أو الحرب، فإن التعاون الروسي - السعودي الحالي يستند أيضا إلى هذه الزوايا المختلفة..وسيتم ربط هذا التعاون في مجال الطاقة بمجالات اخرى مثل الترتيبات الأمنية وعقود الدفاع في المستقبل. "