تسعى إدارة ترامب إلى إعادة العلاقات السعودية الأمريكية إلى وضعها الطبيعي بعد سنوات من التوتر في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما التي لا تعد سوى سحابة صيف عابرة في تاريخ التحالف السعودي الامريكي الذي صمد لعقود طويلة رغم الهزات والتوترات.
موقع Council Forgein Relations أورد في هذا السياق تقريرا ترجمته عنه الرياض بوست اكد فيه ان بداية العلاقات الامريكية السعودية تعود إلى عقود من التعاون الذي بدأ بصناعة النفط ومن ثم عبر الاتصالات الحكومية، حيث كانت لواشنطن علاقة جيدة مع مؤسس المملكة العربية السعودية، الملك عبد العزيز، قبل أن تتطور العلاقة إلى تحالف وثيق بعد أن شاركت الشركات الأمريكية في صناعة النفط في المملكة العربية السعودية منذ عام 1933، عندما فازت شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا بعقود إستكشاف في شرق المملكة العربية السعودية، قبل ان تكتشف النفط في عام 1938.
وكان لاجتماع الرئيس فرانكلين روزفلت مع الملك عبد العزيز على متن سفينة يو إس إس ميرفي في مصر في عام 1945 دور كبير في تعزيز هذه العلاقة.
كما مثل النفط عاملا مهما في التحالف السعودي الأمريكي حيث إكتشفت شركة النفط العربية الأمريكية، أو شركة أرامكو، التي أنشأتها شركة ستاندرد أويل وثلاثة شركاء - والتي أصبحت فيما بعد شركة تكساكو وإكسون وموبل - احتياطيات المملكة في عام 1944 قبل أن تشتري السعودية تدريجيا حصص مساهميها الأجانب بحلول عام 1980، لتصبح الشركة معروفة الآن باسم أرامكو السعودية. ورغم ذلك حافظت شركات الطاقة الأمريكية على مصالح تجارية في السعودية حيث تواصل شركة شيفرون، وشركة داو للكيماويات، وشركة إكسون موبيل المشاركة في مشاريع التكرير والبتروكيماويات في المملكة.
ونظرا لحجم إنتاج المملكة من الطاقة الذي يعطيها تأثيرا كبيرا على أسواق الطاقة، فقد مثلت حماية المملكة العربية السعودية وغيرها من منتجي الخليج العربي حجر الزاوية في السياسة الخارجية الأمريكية لعقود.
وقد تعززت الشراكة السعودية الأمريكية بعد الثورة الإسلامية الإيرانبة سنة 1979 بعدأن فقدت واشنطن الشاه الايراني الذي كان يعد حليفها القوي لتركز بعد ذلك على السعودية كحليف رئيسي لها في المنطقة على مدى العقود الثلاثة الماضية.
يذكر ان التعاون العسكرى الامريكي السعودي بلغ ذروته فى حرب الخليج الاولى عام 1991 عندما قادت واشنطن تحالفا لطرد القوات العراقية من الكويت، كما دعمت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وباكستان المقاومة الأفغانية للاحتلال السوفياتي لأفغانستان التي استمرت من عام 1979 إلى عام 1989.
ولم تكن صفحات العلاقات السعودية الأمريكية دائما على درجة كبيرة من الود حيث سادها بعض التوتر في عدد من الفترات خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر لكن ذلك لم ينل من قوة التحالف السعودي الأمريكي الذي تعزز في المجال العسكري حيث تعتبر المملكة العربية السعودية الوجهة الأولى للأسلحة الأمريكية، بعد شراء 9.7 في المئة من الصادرات الأمريكية من 2011 إلى 2015، كما إرتفع إجمالي واردات الأسلحة السعودية بنسبة 275 في المئة بين عامي 2006 و 2010، وفقا لمنظمة البحوث سيبري كما تساعد الولايات المتحدة السعودية على تأمين أصولها النفطية من خلال توفير التدريب والمستشارين لقوات الأمن السعودية.
ولم تكن العلاقات الأمريكية السعودية أبدا في وئام تام، فقد مثل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مصدر خلاف بين البلدين منذ الأيام الأولى في العلاقة. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية تشتركان في أهداف الاستقرار الإقليمي واحتواء إيران، إلا أن البلدين اختلفا بشأن القضايا الأساسية خلال إدارة أوباما، حيث أعربت المملكة العربية السعودية عن استياءها بسبب الافتقار الى دعم الولايات المتحدة للرئيس المصري السابق حسني مبارك، كما حثت السعودية على دور امريكي اكبر في الاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد الذي يتطابق نظامه مع النظام الايراني.
كما مثل الملف اليمني نقطة خلاف اخرى بين البلدين في عهد أوباما، غير أن صعود ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة جعل مواقف البلدين من هذا الملف تبدو أكثر تطابقا.
ويرى المحللون ان التحول في السياسة الخارجية للمملكة انعكاس مباشر للقوة المتزايدة لجيل جديد من الامراء بعد تعيين الأمير محمد بن نايف ولي العهد وزيرا للداخلية وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وزيرا الدفاع غير أن المحللين يقولون ان كلا الرجلين يحافظان على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة ويشاطران مخاوف واشنطن الامنية الاساسية وخاصة فى مواجهة تنظيم القاعدة والدولة الاسلامية لذلك من المرجح أن تحافظ المصالح الاقتصادية والأمنية والجيوسياسية المشتركة على علاقات قوية بين البلدان في المستقبل المنظور.