تجمع صورة السعودية اليوم كما لم تكن من قبل، بين فخر بتاريخ وماض تليد و إنفتاح و حداثة وروح معاصرة يشهد بها الجميع، وهي صورة تعود في الأصل لشخصية الملك سلمان التي إنعكست على هوية وعمران المملكة وخاصة على عاصمتها الرياض عندما كان أميرها.
وفي هذا السياق يشير الأمير الدكتور عبد العزيز بن نايف من خلال تقرير له في جريدة الجزيرة أن "ما ميز هذا التوجه للملك سلمان بن عبدالعزيز، إبان إمارته لمنطقة الرياض، هو استيعابه لتاريخ وتراث المملكة على وجه العموم ومنطقة الرياض على وجه الخصوص، واعتزازه الكبير بما على هذه الأرض من إرث تاريخي، سياسي، اجتماعي وعمراني اقترن ببعد نظره،- حفظه الله".
ويشير الأمير عبد العزيز بن نايف أن قناعة الملك سلمان بأن تاريخ المملكة و تراثها أجمل من كل التوجهات المعمارية السائدة آنذاك، جعل صورة مدينة الرياض تتغير بطريقة عكست شخصيته المعتزة بذاتها وتاريخها والمنفتحة على الحداثة.
شخصية وقفت ضد التيار المطالب بالنقل الحرفي لعمارة وعمران مجتمعات خارجية دون أخذ الإرث المحلي في الاعتبار، حيث "فرض- حفظه الله- قناعته بضرورة تبني نمطٍ عمراني جديد يستوعب الحداثة ويتطلع للمستقبل ولا يتنكر للأصالة والتراث العمراني المحلي."
وكان من نتائج هذا التوجه نشأة طراز عمراني جديد يستحق تسميته ب"الطراز السلماني"، وفق الأمير وهو طراز "يستلهم ويحاكي في بعض مفرداته العمارة التقليدية للرياض وتخطيطها العمراني القديم، مع معرفة بضرورة احتواء المستجدات الحديثة من مواد بناء ومن تقنيات أخرى كثيرة استجدت وستظلُّ تتجدد."
وفي تعريفه و تفسيره للطراز السلماني، يؤكد الأمير عبد العزيز بن نايف أنه "طراز معماري وعمراني متميِّز يمكن رصد بدء تشكله برصد الجهود والتوجهات الشخصية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. ومن مميزات هذا الطراز حيويته ومرونته وعدم ثباته بعناصر ومفردات محددة. ومن ميزاته أيضاً أنه لا يتضمن النسخ الحرفي لمفردات عمرانية قديمة وفرضها على مشاريع جديدة. بل يترك الحرية للمعماري والمخطط بالانطلاق لمفردات وعناصر جديدة ومبتكرة تستلهم وتحاكي الماضي بقوالب تطويرية متجددة."
وقد كان للملك سلمان لمسات وأفعال إنعكست على معمار العاصمة وهويتها، حيث رفض سموه فسح المجال للطراز الغربي بأن يطغى على العمران التقليدي، وقد كانت له " اليد الطولى في تحديد كثير من مواقع بعض المشاريع وفي الإصرار على بعض مفردات التصميم كما حصل في إصراره على بناء جامع الإمام تركي بن عبدالله في نفس مكان الجامع وليس كما تم اقتراحه من بعض المكاتب الاستشارية في موقع آخر. وكذلك إصراره على المحافظة بالربط بجسر بين جامع الإمام تركي بن عبدالله وقصر الحكم كما كان الجسر في المبنى القديم. وكذلك إصراره على المحافظة على نخل سلام وسط الرياض وهو من أقدم نخيل الرياض والذي قد كان سيتم إزالته لبناء مجمع إداري تعليمي في موقعه والأمثلة في ذلك كثيرة ومتنوعة. كذلك المحافظة على وادي حنيفة وإعادة تأهيله، ومثله في إعادة أحياء وادي السلي ومن ثم إعادة تأهيله وتطويره."
كما تعد مشاريع تطوير منطقة قصر الحكم وحي السَّفارات ومركز الملك عبدالعزيز التاريخي ومبنى وزارة الخارجية و خاصة قصر العوجا كرموز عمرانية للطراز السلماني الذي حافظ على التاريخ والتراث السعودية بقدر حافظ على الهوية السعودية في سعي المملكة المستمر نحو الحداثة والانفتاح.