قرار دخول الدول في الحروب ليس ترفاً، وإنما قرار يمثل «آخر العلاج الكي». عندما يهدد الغزاة التراب الوطني وينتهكون السيادة الوطنية، فلا مجال أمام القيادة السياسية الواعية المدركة لتلك المخاطر سوى استخدام حقها الشرعي في الدفاع عن نفسها والذود عن حدودها ودحر الغزاة والتصدي لهم، وهو ما فعلته السعودية مع تحالف عاصفة الحزم للدفاع عن دولة عربية من غزو إيراني سافر أراد استكمال ابتلاع العواصم العربية واحدة تلو الأخرى، إلا أن التحالف، بحسم وعزيمة تصدى لتلك الأذرع الفارسية الممتدة إلى صنعاء لإكمال تنفيذ المشروع الفارسي في المنطقة العربية. هذا الرد الحاسم وهذا التحالف العربي المتين يجب ألّا ينتهي على تخوم صنعاء، وإنما يجب أن يكون بداية للتصدي لطموح طهران التوسعي الذي لا تحده سماء ولا أرض وأن يكون بداية لصياغة رؤية عربية موحدة لإدارة قضايانا العربية العالقة وحسمها من دون انتظار المدد والدعم من الدول العظمى التي جعلت منطقتنا العربية حقلاً لتجريب نظرياتها السياسية، والنتيجة كانت مدمرة لعدد من الأقطار العربية التي مازلت غارقة في دمائها نتيجة تلك السياسات الغربية والتردد العربي في الحسم. هناك مجموعة من الاتفاقات الإقليمية داخل مؤسسة الجامعة العربية ومجلس التعاون، يمكن أن تكون أرضية قانونية للتحرك في تنفيذ الرؤية العربية الموحدة متى ما تبلورت، من دون الحاجة إلى اللجوء إلى مؤسسات دولية تدار من الدول العظمى وفق مصالح معينة لا تعير هذا الجزء من العالم الاهتمام الكافي، إلا إذا جاءت الصدفة بتقاطع مصالحها مع مصالح دول المنطقة، مع أهمية التواصل النشط - بطبيعة الحال - مع تلك المؤسسات من خلال العمل الديبلوماسي العربي الموحد، إلا أنه يجب ألا يرتهن القرار العربي وفق رؤية تلك المؤسسات الدولية، وخصوصاً فيما يتعلق بالملف الإيراني وأطماع ملالي طهران التوسعية، فالعرب أعلم بشؤون دنياهم. الأوضاع المتطورة في اليمن لم تكن سخية بخيارات متنوعة للسعودية؛ فلم يكن أمام قيادتها إلا اتخاذ قرار الحرب ضد الانقلابيين على الشرعية في اليمن، عندها لم تتأخر القيادة السعودية في حسم أمرها، فكانت سريعة وحاسمة تماماً كما فعلت في أزمة الكويت وكحسم قرار دخول درع الجزيرة إلى البحرين لإنقاذها من تلك الأيدي القذرة التي تمارس العبث الآن في اليمن. الحرب في اليمن هي حرب ضرورة فرضتها العنجهية والصلف الإيراني وستكون بداية لتصدع أحلام ملالي طهران في تصدير ثورتهم، وستقف عاصفة الحزم مصداً أمام تلك أوهام العظمة التي تعاني منه تلك الدولة المارقة على القانون. *نقلا عن "الحياة"