أحد قادة التطرف الإرهابي أو مفكريه بمعنى أدق، اتهم بالتحريض على اغتيال الرئيس أنور السادات، وذلك بإصدار فتوى تبيح قتله. غير أن المحكمة برأته بعد أن أثبت أنه لم يفتِ بذلك، وأنه عندما سئل بوجه عام هل يصح قتل الحاكم الكافر، فأجاب: وهى دي عاوزة فتوى..؟ ومرت الأيام والسنون وانتقل إلى أميركا، وهناك قوبل بحفاوة شديدة من زملائه من هواة قتل البشر. ولأسباب ليست واضحة لنا، حصل على إقامة في أميركا، ثم قبضت عليه إدارة المباحث الأميركية ووجهت إليه تهمة التحريض على الإرهاب وحكم عليه بالسجن. أثناء محاكمته قال للصحافيين ولكل من حوله: أنا..؟ هل هذا معقول.. هل أخون البلد التي قامت بحمايتي وإيوائي..؟ لماذا أقوم بهذا الفعل الشنيع؟ كما ترى تساؤله في محله. الواقع أن هذا النوع من التساؤل أسميه «براءة الشياطين» وهو نوع يعرفه جيدا ضباط المباحث الجنائية ذوو الخبرة الطويلة، فكثيرا ما واجهوا قتلة تساءلوا أمامهم باستنكار: معقول يا بيه أنا أقتل الراجل اللي ساعدني؟ ده كان بيعاملني أحسن من أبويا.. أقتله ليه؟ هنا يقول العبقري فرويد إن الرد الوحيد على هؤلاء الناس هو أن تطلب منهم هم أن يجيبوا عن ما يطرحونه من أسئلة.. آه صحيح حضرتك قتلته ليه؟ «براءة الشياطين» ليست أسلوبا في الكلام فقط بل هي أسلوب حياة يعتمد على إطلاق الأكاذيب بثقة وبراءة. في معظم الأحيان، صاحب هذه الأكاذيب يطلقها وهو يعرف مقدما أنها أكاذيب. وفى أحيان أخرى، يطلقها بدافع من الجهل. لذلك كان من الطبيعي أن تستمع في الأسبوع الماضي لمن يتكلم عن العدوان السعودي على الشعب اليمني. بالتأكيد أصحاب هذا التساؤل يعرفون أن الضربات في اليمن وجهت لجماعة اعتدت على الشعب اليمني، وأن الهدف منها هو إيقاف العدوان على الشعب اليمني وتبديد أحلام الحوثيين في إقلاق راحة جيرانهم. تلك الأحلام التي تغذيها - فكرا وأموالا - بعض دوائر الحكم في إيران. في الطب والسياسة نطلق صفة مستشار على هؤلاء الذين اكتسبوا درجة من المعرفة والخبرة تجعل منهم حكما لا بد من سماع ما يقول بدقة والالتزام بما يشير به. غير أن المستشار عندما يعلن الإمبراطورية، فمعنى ذلك أنه ممرض انتحل شخصية الطبيب الاستشاري. هو في أفضل الأحوال طبيب سيقوم بعلاجك بواسطة التعاويذ والخرافات، لأنه لا يعرف أن الإمبراطوريات عملة لم يعد لها وجود في العصر الذي نعيشه والمفترض أنه يعيشه أيضا. وجود استشاري من هذا النوع في بلد مجاور لنا ليس خطرا عليه فقط بل يمثل خطرا علينا نحن أيضا. الإرهاب في جوهره أو في جانب قوي من جوانبه، هو العجز عن فهم ملامح العصر ومكوناته، وهو العجز الذي يدفع الإنسان لتبني أفكار وأفعال استخرجها من عصور بادت.. عصور كانت تمثل مرحلة توحش الإنسان. هذا العصر الذي نعيشه الآن هو عصر الوطن/ الدولة. إنها الدولة التي تعمل عند المواطن الفرد. الإمبراطور الوحيد في هذا العصر هو الإنسان الفرد. رجال الدولة ونساؤها في عصرنا هذا لا يعشقون ذواتهم بل يحبون الدولة ويعرفون جيدا أن سقوط الدولة أو ضعفها يعني خرابها والأمثلة واضحة حولنا. *نقلا عن "الشرق الأوسط"