من الذى سيدفع ثمن الاتفاق النووى المبدئى الذى تم توقيعه فى مدينة لوزان السويسرية مساء الخميس الماضى بين إيران والدول الكبرى؟!. سؤال يتردد فى كل مكان فى العالم تقريبا خصوصا فى منطقتنا والعواصم العالمية الكبرى. الاتفاق تم التوصل إليه بعد سنوات من الحصار الغربى الشديد ضد إيران وسنوات من المفاوضات انتهت بالتوصل إلى ما سمى بـ «اتفاق معايير» يفترض ان يتحول إلى اتفاق نهائى فى موعد أقصاه ٣٠ يونيو المقبل. بطبيعة الحال كل طرف يعتقد أنه الفائز الأكبر فى الاتفاق.. الولايات المتحدة خصوصا البيت الأبيض والرئيس باراك أوباما يقول انه تمكن من وقف تحول إيران إلى قوة نووية عسكرية، حيث ينص الاتفاق على التخلص من ثلثى أجهزة الطرد المركزى الإيرانى، فى حين تقول إيران ان الاتفاق يعترف ببرنامجها النووى السلمى ويرفع العقوبات الغربية عنها. إسرائيل ــ التى تستفيد من كل شىء ــ غاضبة من الاتفاق لأنه يعطى إيران متنفسا دوليا يخرجها من عزلتها ولا يقضى على كل برنامجها النووى، لكنها تحاول الحصول على اعتراف إيرانى بوجودها، وتضغط على الكونجرس الأمريكى لعرقلة الاتفاق. روسيا والصين سعيدتان بالاتفاق لأنه يؤكد وجهة نظرهما فى منع الاستهداف الدولى لحليفتهما الإقليمية الكبرى إيران. السؤال الجوهرى: وماذا عنا نحن العرب؟!. لو أن الأمور طبيعية ومنطقية كان ينبغى أن يتعاون العرب وإيران ضد عدوهما المشترك الأكبر وهو إسرائيل على الأقل لو صدقنا فعلا ان طهران صادقة فيما ترفعه من شعارات عن الشيطان الأكبر الذى هو امريكا والشيطان الاصغر الذى هو اسرائيل. لكن المشكلة ان سلوك إيران على الأرض لم يضر امريكا او اسرائيل ابدا بل لم يطلق رصاصة واحدة ضدها، ووجه كل جهده لتمكين الأنظمة الموالية له من السيطرة على أربع دول عربية مهمة وهى العراق وسوريا واليمن ولبنان. معظم سلوك إيران الفعلى للأسف الشديد كان تعظيم النفوذ القومى الإيرانى الفارسى مستخدما شماعة الشيعة. لو أن العرب أقوياء ومتماسكون ومناعتهم الشاملة قوية ما تأثروا بأى اتفاق، لكن الخطورة انهم الآن فى أضعف حالاتهم، ومناعتهم شبه منعدمة، وبالتالى فإنهم الأكثر ترشيحا لكى يدفعوا ثمن هذا الاتفاق على الأرض لسنوات الا اذا حدثت معجزة. تريد إيران بعد الاتفاق ان تعترف لها أمريكا والغرب بالنفوذ فى المنطقة والإقليم. هى حصلت بالفعل وعبر السنوات الماضية على الكثير من مناطق النفوذ فى المنطقة، لجهدها وتخطيطها وضعف العرب وبؤسهم، وبالتالى تريد اعترافا من العالم كله بهذا الواقع العملى. هل نلوم إيران على تمددها وانتشارها وتغلغلها فى المنطقة أم نلوم ضعفنا وهو اننا على الناس وعلى أنفسنا؟!. بغض النظر عن الإجابة، فالأمر سيان، وربما يكون المطلوب هو تفكير عربى سريع بشأن كيفية تدارك الموقف ودراسته والإجابة على سؤال جوهرى هو: كيف يمكن منع الآثار السلبية للاتفاق أو تقليلها على الاقل، وكيف يمكن اقناع إيران ان مستقبل علاقتها مع جيرانها العرب هو اأاهم وليس الغرب.. والأهم من ذلك كيف نقنع أنفسنا أولا: اننا فى أزمة حقيقية ومرضى وينبغى ان نذهب إلى طبيب مختص ونبدأ العلاج. * نقلا عن "الشروق"