الهبة العربية بقيادة السعودية والإمارات ومصر في «عاصفة الحزم»، عصفت بكثير من الحسابات والأحلام الإيرانية، وغير الإيرانية. كان مرشد الجمهورية الإيرانية، علي خامنئي، يفكر ويقدر، ويخطط ويدبر، لنسج خيوط العنكبوت الإيرانية على بيوت العرب، لكن «عاصفة الحزم» نقضت غزله أنكاثا. زمجر وغضب، صرخ وخطب، وقال في لحظة كاشفة قبل أيام، وهو يستقبل بعض المنشدين الدينيين: «لنا الكثير من الخلافات مع السعودية في مختلف القضايا السياسية، لكننا كنا نقول دوما بأنهم يظهرون الاتزان والوقار، إلا أن عددا من الشبان قليلي الخبرة تولوا زمام الأمور في هذه البلاد». قبله، تلميذه حسن نصر الله في لبنان، قال في خطبة خصص أغلبها للحديث عن عاصفة الحزم في اليمن، وهو يتميز من الغيظ، حتى لو صح ما زعمتموه - والحديث ما زال لنصر الله - أن الحوثي يشكل خطرا على السعودية والخليج، فالمتبع عادة هو التدرج بالعقوبات الدبلوماسية والاقتصادية، ثم الحرب أخيرا، أما «دغري» على الحرب؟! هذا التحرك المحكم السريع الضخم، المفاجئ، هو بالضبط سبب نجاعة العاصفة، وسبب غضب مرشد إيران وارتباكه، ومثل ذلك روسيا بوتين. خامنئي قال في كلمته تلك إن «عاصفة الحزم» هي «اعتداء»، وإنها أسست لـ«بدعة سيئة في المنطقة»، نافيا وجود أي تدخل إيراني لنصرة الحوثي باليمن. كلام المرشد الإيراني يدخل في إطار المجاز الكلامي - في ألطف وصف يمكن قوله - وإلا فإن سبب الفوضى العارمة في المنطقة منذ عقود هو قيام بنية النظام الخميني الإيراني على التدخل والإفساد في المجتمعات العربية والإسلامية. تدخل بصورة تمويل سياسي، تدريب استخباري، حملات إعلامية، زرع جواسيس، تفصيل هذه الوقائع يحتمل مجلدات غزيرة. بخصوص اليمن، فإن الإفساد الإيراني فيه معلوم، والمشروع الاستهدافي للسعودية، بل للأمن العربي والدولي كافة، مرصود. من قبل كان الآباء المؤسسون لمنتدى الشباب المؤمن، أصل حركة أنصار الله الحوثية، يدرّسون مادة عن الخمينية لطلابهم، وكان الشيخ صلاح فليته مسوِّقا للخمينية من 1982، بل إن أحد وجوه النظام الخميني، أثبت من حيث يريد النفي، ارتباط الحوثي عضويا بالمشروع الإيراني، فقد قارن خطيب جمعة طهران، أحمد خاتمي بين الحوثية والخمينية فقال: «الثورة في اليمن هي نوع من الثورة الإسلامية». حسب وكالة الأنباء الإيرانية. وزير الخارجية الأميركي جون كيري قال في مقابلة مع محطة «بي بي إس» الأميركية إن بلاده على علم بالدعم الإيراني لقوات الحوثيين. المتحدث باسم البنتاغون الكولونيل ستيف وارن قال مثل ذلك، بخصوص نشاط القطع البحرية الإيرانية قرب اليمن. وزير الخارجية اليمني السابق، أبو بكر القربي، دعا في 2009 إيران للتوقف عن دعم الحوثيين. هناك الكثير من الأصوات الإيرانية نفسها، منهم نواب في البرلمان، تفخر بتدخل إيران في اليمن، قبل هبوب العاصفة، طبعا. وبعد هذا كله يحدثنا المرشد عن «بدعة» التدخل، إلا إذا كانت البدعة حسنة فقط لإيران، دون العرب.