2020-03-18 

#روسيا و #القنبلة_النووية_النفطية التي رمتها #السعودية في #ڤيينا

سلطان السعد القحطاني

مرّت العلاقات السعودية الروسية بأطوار من التمدد والانكماش، خلال أكثر من نصف قرن، بسبب الاختلاف الأساسي في بنية النظامين، فكرياً وسياسياً، وطبيعة تحالفاتهما العالمية، ووجهة نظريهما إزاء الأحداث الدولية. لدى السعودية وروسيا مدرستا أفكار مختلفة، بل متناقضة أحيانا، تبرز بشكل جلي في طريقة تعاملهما مع عدد من القضايا الدولية. لكن السعودية منذ أربعة أعوام عمدت إلى تقليل الاحتكاك مع روسيا، والاعتراف بمصالحه كقوة عظمى في المنطقة. 

 

نتج عن هذا التفاهم الضمني، أن سوريا، التي كانت موضوع خلاف كبير بين البلدين، تحولت إلى أمر يجمعهما، حيث هنالك نية مشتركة، وقناعة، بضرورة محاربة التنظيمات المسلحة، وتحجيم النفوذ الإيراني، وكبح جماح طموحات أردوغان في سوريا، والتفاهم على مستقبل النظام في هذا البلد العربي. 

 

توصل السعوديون إلى قناعة بأن سوريا مهمة للأمن القومي الروسي، وتواجدها العالمي كقوة عظمى، وهو أمر لا يمكن أن تتنازل عنه. تفهمت المملكة هذا الأمر، وكان المأمول أن هذا التفاهم سينسحب إلى الملف النفطي، الذي يعتبر البلدان من لاعبيه الكبار. 

 

وبالفعل فإن السنتين الماضيتين شهدتا انتعاشا لأسعار النفط بسبب التحالف بين السعودية وروسيا، الذي كان مبنيًا على اتفاق أوبك بلس. شهد هذا الاتفاق التزاما معقولا من روسيا بحصتها الإنتاجية، رغم انها اخترقتها عدة مرات، وماطلت في الإلتزام بحصتها في أحيان كثيرة. 

 

بيد إن الحدث الأخير في فيينا قرع أجراس الخطر في الرياض، بسبب هذه المماطلة الروسية، وانتعاش شركات النفط الصخري في أمريكا، وشعرت الرياض بأن وضعها كقوة نفطية عظمى أصبح موضع مساءلة وتشكيك، ليس من الحلفاء الكبار، بل أيضا من صغار المنتجين، الذين لم يكونوا ملتزمين بحصصهم، أو المصالح العامة لأوبك.

 

لذلك قررت الرياض أن تضرب بقبضتها، وبقوة، على الطاولة ليستعيد الجميع وعيهم. 

 

ولا يزال الزلزال السعودي الذي حدث في فيينا يثير الكثير من الأسئلة، بين المحللين، والمراقبين، حول أي حد ستمضي المملكة النفطية في قرارها هذا. 

 

تشير البيانات الواردة من الرياض إن هذا الخفض قد يستمر لنهاية العام. وحسب التوجيهات الحكومية لكافة الوزارات، فقد تم إعداد خطة لتقليل المصروفات لأكثر من عشرين في المئة، في إجراء تقشفي يهدف للسيطرة على تداعيات القرار النفطي السعودي، الذي سيتسبب في إحداث أثر سلبي على الميزانية السنوية للدولة. 

 

لقد حاول الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، خلال اجتماعه مع زملاءه في أوبك، البحث عن حلول، خلال اجتماع في فندق "بارك حياة"، ذلك الفندق الأنيق، الذي يشتهر بردهاته الفاخرة، ومكان السيجار الافضل في المدينة، قبل المنع بالطبع.

 

بيد أن هذا الاجتماع لم يكتب له النجاح، وتسبب تصريحات الوزير الروسي في زيادة الطين بلة، وشهد العالم آثار القنبلة النووية النفطية السعودية، التي تسببت في مجزرة كاملة في أسواق النفط، وكانت الدماء ألواناً حمراء على شاشات التداول في البورصات العالمية.

 

من المهم حصر الخلاف السعودي الروسي في إطاره النفطي، كي لا يتحول إلى صراع بين دولتين على أكثر من جبهة خارج أوبك.  

 

 

روسيا دولة عظمى، وهي وريثة الاتحاد السوفيتي، الذي مر بحربين عالميتين، وشهدت مدنه، وقراه، مآسي لا حصر لها، تسببت في مقتل عشرات الملايين من شبابها. ولديها من أدوات النفوذ، والتأثير، ما لا تملكه أي دولة من دول العالم الثالث.

 

 لكن الهدف السعودي من هذه القنبلة النفطية، ليس افتعال عداء غير مبرر مع الروس، بقدر ما هو رسالة إلى السوق والحلفاء بضرورة سماعها حين تتحدث، وأن التحالف معها أفضل بكثير من مواجهتها. لقد أثبتت السعودية دوما بأنها تبحث عن أفضل صفقة ليس لها فحسب، بل لجميع الفاعلين في عالم النفط.

 

التصرف الروسي الأخير دليل جديد على خطأ منظري المدرسة الشرقية في الخليج، الذين يرون في الصين، وروسيا بديلا عن التحالف مع القوى الغربية الكبرى.

 

 وفي اعتقادي كباحث في العلاقات الدولية أن قدر دول الخليج، ونظامها الاقتصادي، والسياسي، غربي الفكر، والحيوية، والممارسة. ولا يزال أمام الشرق الآسيوي الكثير.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه