2015-10-10 

مذبحة الأرمن تغضب تركيا

من القاهرة، حسين وهبه

بعد قرن من زمان استطاعت ارمينيا أنّ تكسب تأييد الاتحاد الأوروبي بوصف المذبحة التي راح ضحيتها 1.5 مليون أرمني "إبادة جماعية" وهو ما اثار غضب الشارع التركي بكافة طوائفة واعتبروا القرار مثير للسخرية ويثبت العداء الذي يكنه المجتمع الدولي لتركيا. وتبع قرار الإتحاد الأوروبي قرار الدنمارك بمخطط نصب تمثال بصفة مؤقتة في كوبنهاغن يخلد ذكرى مقتل الأرمن على أراضي الامبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى غضب تركيا. وسلمت تركيا احتجاجاً رسمياً لوزارة الخارجية الدنماركية معتبره أن نصب التمثال يشكل إهانة لجميع الأتراك الذين يعيشون في الدنمارك. وفي سياق متصل، أعلن الاتحاد الأوروبي تأييده لقرار يعتبر المذبحة التي جرت قبل قرن من الزمان وراح ضحيتها 1.5 مليون أرمني "إبادة جماعية". وهاجم الرئيس التركي رجب طيب الدين أردوغان قرار البرلمان الأوروبي قائلا: إن دعوة تركيا للقبول بالرواية الأرمينية لأحداث 1915، مثال صارخ، يظهر ما يخوفونه لتركيا من عداء، من خلال استغلال الأرمن.بحسب وكالة الاناضول. واتهم اردوغان خلال فعاليات منتدى الأعمال التركي الكازاخستاني، الدول التي أيدت قرار الاتحاد الأوروبي بالإساءة للتاريخ قائلا: الذين يحاولون وضع تركيا وأمتنا في قفص الاتهام بذريعة آلام الماضي، إنما يسيئون للتاريخ أولا. وإن الذين يسعون لدفع تركيا على القبول بشيء لم يحدث على الإطلاق، مثل الإبادة الجماعية، لاطائل لجهوده" وتابع "نعتبر القرارات التي تتخذها البرلمانات بهذا الخصوص وكأنها لم تصدر". ولفت أردوغان إلى أن "تركيا ليس لديها أي مشكلة مع الشعب الأرميني أو الأرمن، والآلام التي عاشها الشعب التركي في نفس الفترة (فترة الحرب العالمية الأولى) لا تقل أبدًا عن الآلام التي عاشها الشعب الأرمني، بل تزيد، لكن وبالرغم من ذلك، فإن مخزون الصداقة تجاه الأرمن والشعب الأرميني لا يزال حيًّا ومتّقدًا". وأوضح أردوغان أنّ في تركيا نحو 40 ألف مواطن تركي من أصل أرمني، و40 ألف أرميني هرب من أرمينيا إلى تركيا واستوطن بها ويحل ضيفًا علينا" واستطرد أنه مدد يد السلام لأرمينيا في ابريل الماضي، إلا أنه لم يجد إلا سوء الحظ مشيرًا إلى أن "الدول التي تتخذ قرارات ضد تركيا بذريعة أحداث 1915، لا يهمها في واقع الأمر الدفاع عن حقوق الأرمن، ومشاطرة آلامهم، على الإطلاق، إنما تستثمر الأرمن لتظهر العداء لتركيا". وجدد أردوغان دعواته لاستنهاض أواصر الصداقة مع الأرمن، وقال: "تعالوا ندع التاريخ للمؤرخين، ولنعمل على بناء مستقبل جديد، ينبثق من مصالحنا وتاريخنا المشترك. وبدورها وصفت الخارجية التركية قرار البرلمان الأوروبي بأنه "مثير للسخرية" قائلة: "نحن لا نأخذ على محمل الجد من أقروا هذا النص الذي يقتل التاريخ والقانون". وقال وزير التجارة والجمارك التركي نورالدين جانيكلي قرار الاتحاد الأوروبي بأنه "فشلا حقيقيا ومثير للشفقة ومخز للاتحاد الأوروبي بحسب بي بي سي. واتهم جانيكلي الدول التي صوتت لصالح قرار الاتحاد الاوروبي بالاستناد على السياسة وليس على أبحاث دقيقة أو معلومات صحيحة . وأضاف لا يصدق أن اولئك الذين صوتوا لهذا القرار أو أن الذين رفعوا أيديهم تأييداً لهذا القرار أنّ تكون لديهم أي معلومات حول هذا الموضوع. وبدوره أدان رئيس البرلمان التركي "جميل جيجك" وحزب "العدالة والتنمية" الحاكم، وحزبا "الشعب الجمهوري" و"الحركة القومية" المعارضان في بيان صحفي مشترك، القرار الذي أصدره البرلمان الأوروبي والذي يدعم مزاعم الأرمن المتعلقة بأحداث عام 1915، ويطالب تركيا بقبول المزاعم الأرمينية. واعتبر البيان أنّ قرار البرلمان الأوروبي في حكم العدم حيث تجاهل كل آلام الشعوب التي كانت تعيش في منطقة الأناضول خلال الحرب العالمية الأولى، وعظّم الآلام التي عاشها الأرمن. وأشار إلى أن الإمبراطورية العثمانية كانت تتبع منهجا انتقائيا ومنحازا وكان مأساويا لغاية شعوب الإمبراطورية". ولفت بيان الأحزاب التركية إلى أن البرلمان الأوروبي اعتمد لنفسه صلاحيات الاتحاد الأوروبي، في إصدار الأحكام بشكل مخالف للقوانين، متابعا، "البرلمان الأوروبي نصب نفسه مكان المحاكم الدولية والمؤرخين، وقضى بأن ما حدث إبادة جماعية، القرار تجاهل كافة حقوق الإنسان والعدالة والتاريخ والقوانين". وأوضح البيان أن "البرلمان الأوروبي عمق الفجوة بين تركيا وأرمينيا بدلا من الدعوة للحوار بين الجانب التركي الذي وجه العديد من الدعوات لكشف الحقائق بأساليب علمية محايدة، والجانب الأرمني الذي فضل تعميق المسألة". وتجدر الاشارة إلى أنّ البرلمان الأوروبي أصدر أمس الأربعاء، قرارا غير ملزم بأغلبية أعضائه، يدعم مزاعم الأرمن المتعلقة بأحداث عام 1915، ويطالب تركيا بقبول تلك المزاعم. يذكر أن الأرمن يتبنون حملة دولية لكي يطلق على ما حدث وصف إبادة جماعية. ويطلقون من وقت لآخر نداءات تدعو إلى تجريم تركيا، وتحميلها مسؤولية مزاعم تتمحور حول تعرض أرمن الأناضول إلى عملية إبادة وتهجير، على أيد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى، أو ما يعرف بأحداث عام 1915، كما يفضل الجانب الأرمني التركيز على معاناة الأرمن فقط في تلك الفترة، وتحريف الأحداث التاريخية بطرق مختلفة، ليبدو كما لو أن الأتراك قد ارتكبوا إبادة جماعية ضد الأرمن. وتصف أرمينيا وعدد من المؤرخين الغربيين والبرلمانات الأجنبية عمليات القتل بحق الأرمن بأنها "إبادة جماعية" لكن الولايات المتحدة وغيرها من حلفاء تركيا يمتنعون عن استخدام هذه الكلمة كي لا تسوء علاقتهم مع أنقرة. وتسعى أرمينيا إلى أن تقر تركيا بأن مقتل الأرمن إبادة جماعية لكن الحكومات التركية المتتالية رفضت ذلك. وتعترف أنقرة بحدوث فظائع لكنها تعللها بكونها وقعت في سياق الحرب، مشددة على أنها لم تحدث بنية مبيتة لإبادة المسيحيين الأرمنيين. ولقي مئات الآلاف من الأرمن حتفهم عام 1915 عندما هُجروا جماعيا من شرقي الأناضول. ومنهم من قتل على يد الجنود العثمانيين، ومنهم من قضى جوعا أو مرضا. يذكر أن تركيا وأرمينيا وقعتا اتفاق تاريخي لتطبيع العلاقات بينهما بعد قرن من العداء.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه