يقولون دائما أن التاريخ يكتبه المنتصر، لكن الحالة الأرمنية تبدو مختلفة، فبرغم مرور 100 عام على مأساتهم، لازالوا يخوضون معركة التاريخ بصبر وعزيمة لإثبات روايتهم بشأن إبادة السلطنة العثمانية لمليون ونصف المليون آرميني سنة 1915، محاولين انتزاع دولي يحمل دولة تركيا، وريثة السلطنة مسؤولية هذه المأساة، في ظل تحسب الكثير من الدول لعلاقاتها مع تركيا التي تعد لاعبا بارزا في الأقليم. يتجمع الأرمن من مختلف أنحاء العالم في عاصمة أرمينيا، يرفان، لإحياء الذكرى المئوية لمقتل مليون ونصف مليون أرمني في الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى. ومن المقرر أن يحضر هذا الاحتفال العديد من قادة الدول، من بينهم الرئيسان الروسي، فلاديمر بوتين والفرنسي، فرانسوا هولاند، بحسب ما أفادت به شبكة بي بي سي البريطانية. وصف الرئيس الألماني يواخيم غاوك وبكل وضوح المذابح التي تعرض لها الأرمن من قبل الجيش العثماني عشية انهياره مطلع القرن العشرين "بالإبادة الجماعية". كما أشار غاوك إلى أن ألمانيا قد تتحمل جزءا من المسؤولية الأخلاقية في هذه القضية. وبهذا التصريح الواضح تجاوز الرئيس غاوك كل التحفظات التي تحوم حول وصف المذابح بالإبادة الجماعية. ونقلت شبكة دويتش فيله الألمانية عن الرئيس الألماني قوله " في هذه الحالة علينا نحن الألمان إجمالا أن نتعامل مع هذا التاريخ، خصوصا عندما يتعلق الأمر بجزء من مسؤوليتنا أو حتى تحمل جزء من الذنب بشأن الإبادة الجماعية بحق الأرمن". البابا فرنسيس وصف أيضاً الجرائم ضد الأرمن بالإبادة الجماعية. لتكون المرة الأولى التي يصرح فيها رئيس للكنيسة الكاثوليكية بمثل ذلك. وأضاف البابا، بعد الاعتراضات التركية الشديدة على تصريحاته، بأنه "لا يمكننا أن نصمت وأن لا نتكلم عن الذي شاهدناه وسمعناه". الأمم المتحدة، وعلى لسان الأمين العام بان كي مون، تحدثت عن "أعمال شنيعة" و"جريمة ضد الإنسانية". ورفض مون تشكيل لجنة جديدة لبحث الموضوع تاريخيا من قبل الأمم المتحدة. ودعا بان البلدين (تركيا وأرمينيا) إلى مواصلة حوارهما. كما أعضاء البرلمان الأوروبي وقفوا دقيقة صمت، إحياء لذكرى مذابح الأرمن. وقدموا بعدها مذكرة طالبوا فيها تركيا بالاعتراف بالمذابح على أنها "إبادة جماعية". فيما وصف الرئيس الاميركي باراك اوباما الخميس المجازر التي تعرض لها الارمن في عهد السلطنة العثمانية خلال الحرب العالمية الاولى ب"المذبحة المروعة"، متجنبا استخدام كلمة "ابادة". وقال اوباما في بيان اختيرت كلماته بعناية فائقة إن "ارمن السلطنة العثمانية تعرضوا للترحيل والقتل والاقتياد نحو الموت. لقد تم محو ثقافتهم وارثهم في وطنهم القديم". وأشارت وكالة الأنباء الفرنسية إلى وعد الرئيس باراك اوباما خلال حملته الانتخابية للسباق الرئاسي في 2008 بأن يعترف بالابادة لكنه حين اصبح رئيسا لم يف بوعده ولم يأت على لسانه كرئيس يوما هذا اللفظ. بالمقابل، يعترف الكونغرس الاميركي بالابادة الارمنية منذ وقت طويل وذلك بموجب قرارين اصدرهما مجلس النواب في 1975 و1984. وفي العام 1981 وصف الرئيس الاميركي في حينه رونالد ريغن المجازر الارمنية ب"الابادة". ونقلت وكالة الأناضول التركية عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قوله "الاتحاد الأوروبي ينصحنا بفتح أرشيفاتنا لتقصي حقيقة أحداث العام 1915، وأنا طيلة عملي رئيسا للوزراء على مدار 12 عاما تقريبا، وعملي رئيسا للبلاد منذ ما يقرب من عام، لم أترك محفلا دوليا في الخارج أو اجتماعا شاركت فيه داخل تركيا، إلا وقلت وما زلت أقول إننا مستعدون تماما لفتح أرشيفاتنا، وكثيرا ما كررت أن لدينا ما يقرب من مليون وثيقة ومعلومة حول هذا الأمر. بل لو كان لدى أرمينيا أو غيرها من الدول وثائق أخرى حول الموضوع فليظهروها لنا لتقصيها، كما أننا أيضا مستعدون لفتح أرشيفاتنا العسكرية". وتابع "أردوغان" قائلا: " نشعر بالحزن على ضحايا الأرمن في الحرب العالمية الأولى، بنفس قدر حزننا الشديد على نحو 4 مليون مسلم لقوا حتفهم أثناء هجرتهم من البلقان والقوقاز والمنطقة المجاورة، إلى منطقة الأناضول."