اليمن في السنوات الأخيرة تحول إلى ملعب ترتع فيه كل مسببات الفوضى والخراب السياسي والأمني في المنطقة، وكان آخر ذلك «جمهورية الحوثي الإسلامية» على غرار جمهورية إيران الخمينية، لولا هبوب «عاصفة الحزم» المظفرة. الحق أن خطر الحوثي كان أعمق الأخطار، وأشرسها على اليمن وجيرانه في الجزيرة العربية، وعلى الضفة الأفريقية العربية، ذلك أنه لو تحققت خطة الولي الفقيه لليمن، لدخلنا في مسار سياسي مدمر، وتغيير مريض لضمير الهوية اليمنية، ولتم تخليق مناخ خصب للتسابق الأصولي الخطير في اليمن، ذلك أن مجرد وجود الخطاب الحوثي في سدة الحكم، هو المنعش والمفرح للخطاب الأصولي الآخر المضاد، أعني خطاب «القاعدة» ومشتقها الأخير: «داعش». وجود الحوثي يغذي وجود «القاعدة» و«داعش»، والعكس صحيح، فالحوثي يسوّغ حربه وصلفه بأنه يحارب الدواعش والتكفيريين، وليس جماعة اليمنيين الوطنية، لا يريد أن يرى الأمر كذلك، فهو الممثل الوحيد للحق الصريح، وعدوه، وليس خصمه، هو التمثيل الساطع للشر، وليس أشر من «داعش» و«القاعدة». جاء في مقالة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، التي نشرها قبل أيام في «نيويورك تايمز» الأميركية، أنه لو نجحت خطة الحوثي في الهيمنة على اليمن، لأدى ذلك إلى تضخم وجود ونشاط جماعات «القاعدة» و«داعش»، بشكل لا ريب فيه. «القاعدة» ومشتقها، «داعش»، ليسا خطرا على الدولة اليمنية فقط، بل على دول الجزيرة العربية كلها، بل على العالم كله، وقد سميت «القاعدة» في اليمن بـ«قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» وهي تعد عملياتها وتجهز انتحارييها، وتصنع مفخخاتها، من اليمن، وكذلك صناعة الأفلام والمواد الإعلامية التي تخدم الخطاب التكفيري الإرهابي لـ«القاعدة» ضد السعودية خاصة، وبقية الدول العربية. السعودية شريك أساسي في الحرب العالمية على الإرهاب، وهي مكون مؤسس للتحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا، ولذلك فالحرب على الفوضى والإرهاب، بكل صوره، هي حرب واحدة، كانت وستظل كذلك. في 25 مارس (آذار) الماضي جاء في بيان دول الخليج - ما عدا سلطنة عُمان - الاستجابة لطلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بردع عدوان ميليشيا الحوثي وتنظيمي «القاعدة» و«داعش» على البلاد. كما جاء في البيان الخليجي تشديد على خطورة انقلاب ميليشيا الحوثي على أمن المنطقة، والتأكيد على سعي دول المجلس طوال الفترة الماضية لاستعادة الأمن في اليمن عبر العملية السياسية، وآخرها الإعلان عن مؤتمر للحوار تحت مظلة مجلس التعاون. قبل أيام، تم استهداف مجموعة قاعدية قيادية في المكلا، بحضرموت، وقُضي عليهم، وكان منهم القيادي السعودي إبراهيم الربيش، وهو صاحب خطب وتسجيلات مشهورة في أدبيات التعبئة والتحريض القاعدية ضد السعودية. وجود الحوثي يغذي وجود القاعدي، كما أن وجود «القاعدة» يعزز «الشرعية» الحوثية. وكل من الجماعتين خطر على الأمن والسلام. قال أبو العلاء المعري: يعزى تزايد هذا من تناقص ذا كالليل إن طال غال الصبح بالقصر *نقلاً عن "الشرق الأوسط"