2020-06-04 

#سد_النهضة #الإثيوبي : عود علي بدء

الدكتور أيمن سلامة

استبشر المصريون خيرا يوم 27 فبراير2020، ووسموه بيوم الزينة، ولم لا ؟ ، حيث ظن الكافة أن الماراثون التفاوضي حول سد النهضة الذي بدأ عام 2011 سينتهي في  العاصمة الامريكية "واشنطن"، من أجل إبرام الاتفاق النهائي الشامل لإدارة وتشغيل سد النهضة الإثيوبي .

 

لا تأتي الرياح بما تشتهي  السفن، فقد انسحبت إثيوبيا في اللحظة الأخيرة قبل تدشين المراسم الاحتفالية يوم 27 فبراير 2020 لإبرام الاتفاق الذي رعته كل من الخزانة الامريكي، والبنك الدولي للإنشاء  التعمير. 

 

أضحي الماء آسنا منذ فبراير الماضي2020، لكن ثمة أخبار مفاجئة تتحدث عن استئناف المارثون التفاوضي بين الدول الثلاثة الأربعاء المقبل الموافق العاشر من يونيو 2020 .

 

لا يستبشر المتابعون لأكبر جائحة مداهمة للأمن  القومي المصري في التاريخ الحديث، خيرا من استئناف هذه المباحثات الثلاثية في ظل العنت الإثيوبي الذي لم ينفك أن يشكل ديدن الموقف الرسمي الإثيوبي. 

 

 

جلي أن التفاوض يجب أن يكون موضوعيا لا شكليا، وفي سياق الحالة الإثيوبية، نشير إلى أن التفاوض ليس مجرد إجراء شكلي يتم اللجوء إليه وبعبارة أخري لا تلجأ  الدول للتفاوض، وتحاجج به ، كما ما فتئت إثيوبيا تفعل لمجرد أن تثبت للجماعة الدولية أنها تتشبث بأهداب الوسيلة المثلي لتسوية النزاعات الدولية، وإنما لا بُد من توافر النيَّة نحو التوصل إلى اتفاق بشأن النزاع ذاته.

 

يعد الالتزام بالجدية، والاعتدال، والاستقامة أهم تطبيقات مبدأ حسن النية  في المفاوضات، لذا يستوجب علي المفاوض أن يكون جادا في المفاوضات، وأن  يكون مبتغاه الوصول بالمفاوضات نحو أهدافها، وهي إبرام العقد أو الاتفاقية المنشودة .

 

تعني الجدية في المفاوضات الامتناع عن العدول المفاجئ غير المبرر بعد وصول المفاوضات إلي مراحلها النهائية، وقاربت علي الوصول إلي اتفاق نهائي، وبالرغم من الأصل هو حرية الاطراف بالعدول عن المفاوضات، إلا أنه يعد سلوكا مخالفا لمقتضيات حسن النية العدول المفاجئ دون مبرر معقول، علي الرغم من قيام أحد الاطراف  بتنفيذ كافة طلبات الطرف  الآخر .

 

إن التعنت الإثيوبي الذي بانت أماراته منذ اللحظة الأولى منذ بدء المفاوضات في أبريل عام 2011، حين دفعت –زورا –  بأن النيل الأزرق ومياهه تخضع للسيادة المطلقة لإثيوبيا يعد خرقا لمبدأ حسن النية، الذي تمحورت عليه اتفاقية إعلان المبادئ .

 

لا مشاحة أن النزعة الفردية تغلب في العلاقات الدولية علي المصالح الجماعية وتتخذ أبعادا تتخطي أبعاد النزعة الفردية في القانون الداخلي. 

 

تعد الحالة الإثيوبية  في هذا السياق  البرهان  الساطع ،و الدليل القاطع علي غلو بعض  الدول  في تجاهل  مبادئ  القانون الدولي العام،  والقانون  الدولي للمجاري  المائية الدولية في الاستخدام  في غير أغراض  الملاحة، فتارة تجاهر بنظرية بالية مهجورة، و مطمورة وهي "السيادة المطلقة علي النهر الدولي".

 

تتجاسر إثيوبيا غير مرة، وتنكر المبدأ  القانوني الراسخ  في تشريعات الدول الداخلية فضلا عن القانون الدولي  وهو  "الحقوق  المكتسبة "، فالقديم يترك علي قدمه، و الأصل بقاء ما كان علي ما  كان، وما يثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يقم دليل علي خلافه، والحقيقة تترك بدلالة العادة. 

 

لا جرم أن مبدأ " حسن النية " يهدهد من  النزعة الفردية المتحمسة التي ترفض أن يقيد الحق في ممارسته  من أي عقال، وهنا نجزم أن العروة الوثقي بين المبدأ، و قاعدة مهمة في القانونين الدولي والداخلي وهي "عدم التعسف في استعمال الحق" ، وتطبيقا علي الحالة الإثيوبية ، فالنيل  الأزرق  الذي  تدعي إثيوبيا ملكيته ملكية مطلقة ، لا تستطيع بالطبع

 

علي هدي ما سبق بيانه لا تستطيع إثيوبيا أن تقوم بتحويل المجري الطبيعي  للنهر اذا حلا لها ذلك ، أو تحجب مياهه عن أن  تصل إلي أي من دول حوض  النهر الدولي .

 

 

فإثيوبيا لم تقم  بعمل أو جهد حتي تزعم ملكيتها للنيل الأزرق ، فالطبيعي والجغرافي والتاريخي والقانوني هو انسياب نهر النيل الأزرق لكل من السودان ومصر، فتبقي مياهه علي إباحتها العامة ما لم  تبذل أي عمل في حيازته. 

 

لا مرية أن  إثيوبيا، بوصفها أحد دول  المنبع لنهر النيل، لها أن تستفيد من إمكانات النهر في حدود مقتضيات حسن النية والجوار ودون أن تتخطي كمية معينة تقدر بما تسير عليه. 

 

وفق  ما سبق، فحتى تفترض  حسن النية في الملتزم ”إثيوبيا ” لا يكفي أن تبذل إثيوبيا كل ما في وسعها، وأن تبذل عنايتها فحسب، بل الوصول الي نتيجة واحدة  دون غيرها وهي تحقيق حسن النية .

 

 

 

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه