2020-07-10 

#التسامح بنكهة #سعودية

حنان الحمد

 

@hananalhamad73

"‏التسامح كذبة روج لها العالم" تغريدة كتبتها في الثلاثين من يونيو ٢٠٢٠، أحداث كثيرة مر بها العالم في هذا العام مليئة بالعنصرية التي هدمت ما روجت له المجتمعات المتحضرة والنامية من تسامح وتعايش، فمن يصدق أن يتبخر التعايش في المجتمع الأمريكي كردة فعل على مقتل مواطن أمريكي من ذوي البشرة السوداء، وكيف لفكرة التسامح والتعايش باحتواء المهاجرين من كل مجتمعات الحروب والفقر إلى أوروبا أن تنقلب إلى أعمال شغب وقمع كما حدث في فرنسا، أما بعض المجتمعات العربية التي تتغنى بأن جميع مواطنيها إخوة بغض النظر عن الطائفة والمذهب فإن التسامح وتقبل الآخر لا وجود له إذا ما جرب أحدهم المطالبة بأن يكون وطنه أفضل ليقتل ويصبح شهيدا لكذبة التسامح وتبدأ ثارات امتدت لسنوات وسنوات بالعودة للمشهد.

 

إن انهيار التسامح "الهش" عند كل اختبار يذكرني بقصة سيدنا يوسف عليه السلام وكيف وظف إخوته مفهوم التسامح ليحققوا مآربهم للتخلص من سيدنا يوسف، بل وتمادوا ليستغلوا التسامح في الحصول على مزيد من الرزق من لدن العزيز وانتهى إلى تعريض أخيهم الأصغر للخطر أيضا باسم التسامح، وبنظرة خاطفة تجد أن العالم يتعامل مع التسامح كما تعامل إخوة يوسف عليه السلام، مجرد مسكن ليحصلوا على غاياتهم بأقصر الطرق وأقل التنازلات.

 

لكن كيف رسخت المملكة العربية السعودية لمفهوم التسامح والتعايش؟ لقد كان للسعودية الريادة في هذا الشأن وتبذل المال ووقت وجهد لهذا الغرض، بدء من الوساطات السياسية التي قامت بها لوقف الحروب في لبنان ونتج عنه "اتفاقية الطائف"، مرورا بالتدخل الحاسم لوقف الاقتتال الفلسطيني – الفلسطيني، وانتهاء بمساندة الحكومة اليمنية في استرداد اليمن من الميليشيات الحوثية المارقة ، كل هذا لإيمانها بدورها الريادي ومسؤوليتها كقائد للعالم الإسلامي.

 

وقد قامت القيادات السعودية المتعاقبة باتخاذ خطوات أكثر استدامة من خلال تحويل التسامح والتعايش إلى عمل مؤسسي داخل وخارج المملكة، فقد أُسست  رابطة العالم الإسلامي – مكة المكرمة في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز أل سعود رحمه الله، وتبعه تأسيس مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني – الرياض في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، واُفتتح مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات - فيينا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، أما في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود فقد بلغ التحول المؤسسي لترسيخ مفهوم التسامح والتعايش ذروته حيث تم افتتاح مركز اعتدال- الرياض وكذلك افتتاح مركز الملك سلمان للسلام العالمي – كوالالمبور.

 

أما محليا فقد كان ولايزال توجه القيادات السعودية يركز على دمج جميع فئات المجتمع في المجتمع الأكبر وهو الوطن  وعلى منح الكفاءات الوطنية فرصا متساوية لخدمة وطنهم وتنميته مما يعزز التعايش والتسامح، فقد شمل التطوير الحضري جميع مدن المملكة دون استثناء، وبرامج الابتعاث لم تميز بين المواطنين والجميع أخذ فرصته، والتعيين في المناصب القيادية تميز بالتنوع الذي عكس ما تملكه السعودية من كفاءات متنوعة لها خلفيات مختلفة يجمعها وطن واحد.

 

إن التسامح السعودي يستهدف المجتمعات العالمية والمحلية ويميزه أنه تسامح يقوم على عمل مؤسسي منتظم مستدام، مثال على هذا ما أحدثه معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي د. محمد العيسى من نقلة نوعية في الرابطة، حيث ركز على نشر التسامح وقام  بجولات عالمية لترسيخ المفهوم السعودي للتسامح المنبثق من التسامح في الدين الإسلامي، وكذلك ما قام به من حوارات ولقاءات مع طوائف وديانات كانت تعتبر خطوط حمراء في أزمنة مضت، لذا فإن هذه النقلة النوعية في رابطة العالم الإسلامي تعتبر قيمة مضافة في مسيرة التسامح والتعايش في المملكة.

 

إن التسامح بالنسبة للسعودية حكومة وشعبا هو واجب ديني وإنساني وقوة ناعمة تجعل التعايش مع الآخر وتقبله سلسا ويستحق أن يُبذل له الوقت والجهد والمال حتى وإن استغلته الدول التي توظف التسامح سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا، وما أدل على  ذلك إلا قرار حكومة ماليزيا ذات الأكثرية الإخوانية بإغلاق مركز الملك سلمان للتسامح العالمي نكاية بالحكومة السابقة، ومحاولات الحكومة اللبنانية الالتفاف على اتفاق الطائف، ونقض العهد بين الفصائل الفلسطينية المتناحرة. 


كل هذا تأكيد على أن العالم روج لكذبة التسامح لتحقيق مصالح بعينها.

 

أما المملكة العربية السعودية فهي ماضية بمسيرتها نحو نشر التسامح والتعايش محليا وعالميا بخطى ثابتة وبعمل مؤسسي مستدام لا يتأثر بموقف سياسي أو مصلحة اقتصادية أو أي طارئ كان، ولعل أسمى درجات التسامح والتعايش ظهر جليا في جائحة كوفيد 19 الذي تعاملت معه القيادة والحكومة السعودية من منطلق الإنسان أولا بغض النظر عن الدين والجنسية واللون والمذهب، وتمتع الجميع بحق الحياة والحماية على أرض المملكة العربية السعودية دون تمييز.

 

"التسامح كذبة روج لها العالم" بينما التسامح بالنكهة السعودية هو نموذج سوف يحتذي به العالم بإذن الله.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه