2015-10-10 

عودة الدولة البوليسية تهدد تونس

دويتش فيليه

على الرغم من عبور تونس الخضراء مرحلة الربيع العربي بسلام إلا أن الديمقراطية مكتوب عليها الأتظهر في الدول العربية ، ولابد للديكتاتورية أن تعود. لم يمر شهور على انتخاب رئيس تونسي منتخب عبر صناديق الإقتراع بانتخابات نزيهة لم تشهدها البلاد من قبل إلا وتأبى الديكتورية أن تعود بشكل أو بأخر. فمع ظهور قانون الزجر الذي أثار الأستياء في الشارع التونسي وسط مخاوف من عودة دولة بن علي ، والدولة البوليسية ،يرى سياسيون أنها ضرورة لحماية الأمن القومي ،والعسكريين. وبالرغم من اتفاق بين مكونات المجتمع التونسي والقوى السياسية بضرورة توفير الحماية للعسكريين، الذين باتوا يواجهون مخاطر فعلية مع تصاعد عمليات استهدافهم التي أدت في بعض الحالات إلى الخطف والقتل والتنكيل، إلا أن إفراط السلطة في توفير الحماية للأعوان عبر قانون يطال حريات المواطنين أعاد شبح النظام القديم الذي لطالما استخدم العصا الأمنية لضرب الحريات. ومررت الحكومة مشروع قانون "زجر الاعتداءات على القوات المسلحة وقوات الأمن" على البرلمان لمناقشته والتصديق عليه، لكنه يواجه اليوم انتقادات داخل وخارج البرلمان، بسبب ما تضمنته بعض فصوله من عقوبات مشددة لا تتناسب مع مسار الانتقال الديمقراطي الذي تسلكه الدولة منذ ثورة 2011. ومن بين مواد مشروع القانون المثيرة للجدل، العقوبة بالسجن مدى الحياة لكل من يقوم بتحطيم عربة أمنية. بينما لا تترتب مسؤولية جزائية عند قتل متظاهرين من قبل قوات الأمن في صورة حصول اعتداءات عليهم، وهو ما يتناقض مع آلية التدرج في استعمال القوة ويكرس من جهة أخرى الإفلات من العقاب، كما يقول حقوقيون. ويعاب على مشروع القانون، بحسب الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن مضمونه مخل بالدستور وجاء زجريا ضد الاعتداءات بدل أن يوفر الحماية الأساسية المهنية والاقتصادية والاجتماعية للقوات المسلحة، كما أنه يضع المؤسسة الأمنية والعسكرية فوق النقد باستعماله تهمة "التحقير" التي تترتب عنها تأويلات عدة. وأوضح النائب عماد الدايمي أمين عام حزب المؤتمر من أجل الجمهورية المعارض أن مشروع القانون لا يرقى إلى مستوى يحترم المبادئ العامة لحقوق الإنسان ومقتضيات دستور الجديد لعام 2014 والمعايير الدولية، وهو يتضمن الكثير من العقوبات الجزائية والزجرية والتي تصل حد التطرف. ويضيف الدايمي "أزمة الثقة ما تزال قائمة، نحتاج إلى سنوات أخرى لإعادة بناء الثقة بين الأمن والمواطنين. ومشروع القانون بصيغته الحالية يثير المخاوف ولا يخدم الثقة بين الجانبين، بل يكرس تجاوز الصلاحيات. وقد يأتي الوقت الذي ندعو فيه لسن قوانين تحمي المواطنين من اعتداءات الأمنيين". ويرى مراقبون أن العلاقة بين المؤسسة الأمنية والمواطن كانت على درجة كبيرة من السوء على امتداد فترة حكم الحزب الواحد، الذي كرس دولة البوليس على حساب الحريات والديمقراطية قبل الثورة، وأحدثت تلك العلاقة فجوة عميقة بين الجانبين لم يكن من السهل ردمها حتى اليوم رغم مرور أكثر من أربعة أعوام من سقوط حكم الرئيس السابق والجنرال العسكري زين العابدين بن علي. ولكن الحرب الشرسة التي تخوضها تونس اليوم ضد الإرهاب عززت الشعور بالتضامن الشعبي مع المؤسسة الأمنية، والمخاوف المثارة حاليا هو أن تعمد السلطة إلى تمرير قانون مثير للريبة في غمرة هذا الشعور وفي غفلة من المواطنين. و ركزت النائبة عن حزب حركة نداء تونس، الذي يقود الائتلاف الحاكم بشرى بالحاج حميدة وهي ناشطة أيضا في المجتمع المدني، على ضرورة أن توفر التجهيزات والإمكانيات اللازمة لحماية قوات الأمن والجيش في حربها ضد الإرهاب. ولكن بالحاج حميدة، التي ترأس لجنة الحقوق والحريات في مجلس النواب، أوضحت أنها في كل الأحوال لن تكون في صف مؤيدي القانون، مشيرة في تعليقها أنه "بقدر الحاجة إلى توفير الحماية للأعوان وبناء الثقة مع المؤسستين الأمنية والعسكرية من أجل التعاون في محاربة الإرهاب بقدر ما تتطلب أيضا الحماية القانونية أكثر تفكيرا ونقاشا. ومشروع القانون بصفته الحالية من الصعب أن يحظى بالموافقة". ولطالما انتاب معارضي حزب حركة نداء تونس الذي يضم كوادر من النظام السابق ونشطاء من المجتمع المدني، شعورا بأن الحزب الذي حقق فوزا مزدوجا في الانتخابات التشريعية والرئاسية سيعمل على تعبيد الطريق تدريجيا لإعادة أجهزة النظام السابق وآليات عمله.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه