مثل الحزم خارج الحدود السعودية، ثمة حزم آخر داخل الحدود، معركة الداخل تكمل معركة الخارج، فالخطر على الأمن يكمل بعضه بعضا أيضا. خلال أيام قليلة، وبعد القبض على قاتل الشرطيين السعوديين، وهرب مدير العملية، تمكنت سلطات الأمن السعودية من القبض على الهارب نواف، لتعلن أمام الجميع عن الإيقاع بشبكة واسعة من «داعش» في السعودية نشطت في الآوان الأخيرة، ومنها خلية ضخمة اسمها «جند بلاد الحرمين» وهو، أعني اللقب، ما ذكرني بهجمات حسن نصر الله على السعودية، وأن هناك خطرا على الحرمين منها! بيان المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي كان واضحا، وهو يكشف النقاب عن إحباط أنشطة إرهابية في عدة مناطق من المملكة من قبل «داعش» و«القاعدة»، وأكدت المتابعة أن هذه الأنشطة بلغت مراحل متقدمة في التحضير لتنفيذ أهدافها، وقد تمكنت الجهات الأمنية من الإطاحة في أوقات مختلفة بتلك العناصر البالغ عددها 93 شخصا من بينهم امرأة. الإضافة لاسم الخلية المكونة من 15 عنصرا التي سمّت نفسها «جند بلاد الحرمين»، لفت انتباهي في البيان بعض الملاحظات، ومنها أن البيان لفت إلى أنه في السابع من شهر مارس (آذار) الماضي، تم القبض على 65 شخصا في عدد من مناطق المملكة، جميعهم سعوديون ما عدا اثنين من حملة البطاقات وآخر فلسطينيا وشخصا يمنيا، مرتبطين بتنظيم داعش، ويخططون لاستهداف مجمعات سكنية وتنفيذ عمليات لإثارة الفتنة الطائفية، على غرار ما تم في حادثة الدالوة بالأحساء. ما يعني أن هناك قرارا خطيرا بنقل الفتنة الطائفية إلى السعودية، وأن صمود الجبهة الداخلية السعودية أمام إغراء الفتنة الطائفية، بين السنة والشيعة، يشكل تحديا للدواعش، ومن خلفهم. من الملاحظات المهمة أيضا ذكر البيان أنه كان من ضمن مخططات هذه الخلايا الداعشية: «اغتيال عسكريين من مختلف القطاعات». هذا وجيش السعودية وحرسها الوطني منخرط في حرب ضد المؤامرات الإيرانية في اليمن، نجد «داعش» تستهدف هذا الجيش في الداخل! ومن الملاحظات أيضا في بيان الداخلية الإشارة إلى استغلال العناصر الداعشية للتواصل عبر «تويتر»، لبث الدعاية، والتجنيد، والتنسيق، وهو ما يؤكد ما قيل مرارا عن أن خطورة هذه المنصات الإنترنتية، أعمق من أن تترك، وأنه آن الأوان لإنقاذ من لم تصله فيروسات «داعش» من المراهقين وأشباه المراهقين في «تويتر» وغير «تويتر». هذا الاستهداف الداعشي للسعودية عمل منهجي مستمر، وفي العام الماضي ألقي القبض على 400 شخص على صلة بـ«داعش» داخل المملكة. بالعودة للملاحظة الأولى، كم هو مثير للعجب، هذا التهافت على التمسح بالحرمين، من «داعش»، وقبلهم حسن نصر الله الذي أراد سلب السعودية شرف الحماية والرعاية للحرمين. نفس الحنق، ونفس الالتصاق، لدى «داعش» وحزب الله، والمستهدف هو السعودية. أبلغ تعبير ربما هو ما قاله اللواء منصور التركي: «مهما كان الطرف الصانع لداعش فقد صنعها لأغراض من بينها الهجوم على السعودية». *نقلا عن "الشرق الأوسط"