يعتقد البعض أنها الحرب الباردة - تطل برأسها من جديد - التي بشر محللون بعودتها منذ دعم روسيا لإنفصال شبه جزيرة القرم الموالية لموكسو منذ عام تقريبا، في مواجهة السلطة الجديدة في كييف الداعمة للغرب. إذ أفادت وكالة رويترز للأنباء ببدء حلف شمال الأطلسي واحدا من أكبر تدريباته على الاطلاق بشأن التصدي للغواصات في بحر الشمال يوم الاثنين ودعا السويد الدولة غير العضو في الحلف للمشاركة للمرة الأولى وسط تزايد التوتر بين روسيا وجيرانها الشماليين. وتعتبر السويد من الدول ذات علاقات ممتازة بحلف الناتو إلا أنها ليست جزءاً منه رسمياً وتعرف بالحلفاء الرئيسيين لحلف الناتو . وتشعر السويد ودول البلطيق والاسكندنافية بتهديد روسي محتمل في حربها الباردة التي أحياها "قيصرها" فلاديمير بوتين، مع مشروعه لاحياء دور الاتحاد السوفياتتي المنهار. إذ تخشى فيه دول البلطيق الصغيرة الثلاث التي تعتمد ايضا على الاسكندنافيين في الدفاع أن تكون الهدف التالي المحتمل لموسكو حيث توجد في كل منها اقليات روسية كبيرة. واكتشفت فنلندا غواصة غير معرفة في مواجهة ساحلها الأسبوع الماضي في حين قالت لاتفيا عضو حلف الاطلسي وهي جمهورية سوفيتية سابقا الشهر الماضي إنها اكتشفت غواصة روسية قرب مياهها. وفي الشهور القليلة الماضية اقتربت طائرات روسية مرارا من المجال الجوي لدول البلطيق والدول الاسكندنافية وانتهكته احيانا مما تسبب في رد من وسائل الدفاع الجوي. ويقف الحلف في موقف مشابه من الذي تكون بسببه سنة 1949 إذ أدى توحّد القوات السوفياتية في دول شرق أوروبا، وشعور دول غرب أوروبا بقرب هجوم سوفياتي عليها، بتكوين هذا الحلف العسكري. وكان قد أشار جوناثان ماركوس مراسل بي بي سي للشؤون الدبلوماسية منذ عام تقريبا إلى تصريح أحد الدبلوماسيين المتفائلين بالتحالف والذي قال فيه "دعونا نكون واضحين منذ البداية. الحرب الباردة لن تعود، وروسيا بكل قوتها العسكرية ومواقفها ليست الاتحاد السوفيتي. ولن يعيد هذا المعركة الأيديولوجية التي قسمت العالم معظم فترات القرن الماضي". ولكن شيئا ما قد تغير في أعقاب ضم روسيا شبه جزيرة القرم واستمرار تهديداتها العسكرية في شرق أوكرانيا. بحسب المحلل. وأنهت موسكو نمطا سلوكيا ميز الدبلوماسية في أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة، وربما هو النمط الذي ساد في أوروبا الغربية منذ انهيار ألمانيا النازية. ويكمن هذا النمط السلوكي في الفكرة القائمة على أن تسوية النزاعات تتم عن طريق الدبلوماسية وليس القوة، وأن المحرك الأساسي للسلطة والقوة هو الأداء الاقتصادي وليس القوة العسكرية. فهل يمكن أن تقوم حلف الشمال الأطلسى بعمل عسكري في المقابل وهي التي لم تقم بأى عمليات عسكرية عقب الحرب الباردة إلا بعد تعرض الولايات المتحدة الأمريكية لهجمة فى 11 سبتمبر 2001 أدت الى تطيبق المادة الخامسة من مواد منظمة الناتو لأول مرة فى تاريخ الناتو . وهى مادة كانت تنص على أن ما يحدث لاحد أعضاء الناتو فهو بمثابة حدث لكل أعضاء منظمة الناتو. ولن يسعى - فيما يبدو - التحالف إلى ضم كييف إلى حظيرة الناتو، الأمر الذي سيضعها في مواجهة مباشرة مع روسيا بموجب المادة المذكورة. لكن ربما تمنح بعض المناورات العسكرية القصيرة في تلك الدول وجودا شبه دائم للناتو في المستقبل القريب، وهو الذي بدأ في الحدوث بالفعل. لكن في المقابل تواردت أنباء عن أن قيادة حلف الناتو ووزارة الدفاع الروسية أقامتا خط اتصال سريع متبادل استجابة منهما للتوتر المتصاعد في أوروبا. نقلت شبكة روسيا اليوم عن صحيفة ألمانية أن الهدف من هذه الخطوة، الأولى منذ نهاية الحرب الباردة، تمكين القيادات العسكرية من معالجة القضايا الناشئة على الفور، لافتة إلى أن قناة الاتصال المقامة مماثلة لتلك التي استعين بها عقب أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962. وقالت الصحيفة نقلا عن مصادر في مقر الحلف إن "الناتو والقيادة العسكرية الروسية تربطهما قناة اتصال من جديد. القائد الأعلى لقوات الناتو في أوروبا ورئيس اللجنة العسكرية في الحلف منحا إمكانية التباحث مع الزملاء الروس". ولم يحدد الحلف، بحسب الصحيفة الألمانية، زمن تفعيل قناة الاتصال ولم يعط معلومات إضافية عن "الخط الساخن" لأن هذه العملية تجرى بسرية، إلا أنها أفادت بأن الجانب الروسي تسلم بالفعل أرقاما محددة للاتصال. وكانت مجلة "der spiegel" الألمانية ذكرت في نهاية يناير الماضي أن حلف شمال الأطلسي يرغب في إقامة "خط اتصال ساخن" دائم مع الجانب الروسي. وأشارت المجلة الأالمانية إلى أن هذه الفكرة جسّدت على أرض الواقع في إبريل عام 2003، إلا أن هذا الخط توقف عن العمل بسبب الأزمة الأوكرانية.