يعيش محمد العمور ذو التسعة وخمسين عاما كابوسا يوميا، فكلما يرى مركبات جيش الإحتلال الإسرائيلي يظنها أنها قادمة لهدم منزله الذي يأوي 4 زوجات و 30 طفلا. والعمور لا يعيش هذا الكابوس وحده إذ يقول محمد العدرا وهو سائق سيارة اجرة لديه 25 طفلا أن "كل من يعيش هنا وعمره فوق ال45 عاما،هدم منزله مرة واحدة على الاقل (..) والبعض هدم منزله مرتين او ثلاث او اربع" مشيرا "الهدف هو اجبارنا على المغادرة". بالأمس القريب أيضا وجدت عائلة فلسطينية مؤلفة من 17 شخصا نفسها بلا مأوى بعد ان قامت جرافتان اسرائيليتان بهدم منزلها المؤلف من ثلاثة طوابق في قرية الديرات في الضفة الغربية المحتلة بحجة بنائه دون ترخيص. وفي قرية الديرات التي يقيم فيها 1800 فلسطيني، تعيش الغالبية في خوف وقلق من هدم المنازل التي يقيمون فيها. مئات الأسر تلجأ إلى البناء غير المرخص في الضفة التي تسيطر عليها قوات الاحتلال إذ تقول منظمة بيمكوم غير الحكومية الاسرائيلية ان اسرائيل منحت في عام 2014 رخصة بناء واحدة فقط للفلسطينيين في الضفة الغربية. وهدمت اسرائيل العام الماضي 601 منشأة فلسطينية مما ادى الى تشريد 1215 فلسطينيا. وبحسب الامم المتحدة،فهذا اعلى رقم للسكان المتضررين من سياسات الهدم الاسرائيلية منذ ان بدأت بحفظ السجلات في عام 2008. تنظر المحكمة العليا الاسرائيلية حاليا في قضية متعلقة بسيطرة اسرائيل الكاملة على التخطيط للبناء في "منطقة ج"التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية المحتلة. وتطالب قرية الديرات بالتعاون مع منظمة "حاخامات من اجل حقوق الانسان" الاسرائيلية غير الحكومية ومنظمات اخرى،الدولة العبرية بانهاء سياسات الاسكان التمييزية واعادة شؤون البناء والتخطيط الى الفلسطينيين. وتقول ارقام صادرة عن الامم المتحدة ان هناك 298 الف فلسطيني يقيمون في منطقة ج، مع 341 الف مستوطن اسرائيلي في 135 مستوطنة و100 بؤرة استيطانية عشوائية. وتبلغ مساحة المنطقة ج 360 الف هكتار ولكن اقل من 1% من مساحتها مخصص للتطوير الفلسطيني، مقابل 70% للمستوطنات، بحسب الامم المتحدة. وقبل الاحتلال الاسرائيلي عام 1967، كانت شؤون البناء والتخطيط للفلسطينيين تتم عبر لجان تخطيط محلية ولوائية كانت فعالة قبل الاحتلال الاسرائيلي عام 1967 والتي تم الغاؤها بفعل امر عسكري في عام 1971. ويأتي هذا في الوقت الذي ذكرت منظمة السلام الان فيه أن اسرائيل وافقت على بناء 900 وحدة سكنية استيطانية في حي رمات شلومو الاستيطاني في القدس الشرقية المحتلة". وبحسب حاغيت اوفران المتحدثة باسم السلام الان فان لجنة التخطيط اللوائية في القدس وافقت الاربعاء "على طلب البناء، والان سيسمح ببنائها". وجاءت الموافقة الاربعاء قبل ساعات من اعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو على تشكيل ائتلاف حكومي، بحسب المنظمة. والسلام الآن هي منظمة غير حكومية احتجاجية يسارية داخل إسرائيل هدفها إقناع الشعب الإسرائيلي وحكومته بأن احتلال الأراضي الفلسطينية غير مقبول بأي صورة، وتركز بالمقام الأول على الدعوة إلى حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وجاء في بيان للاتحاد الأوروبي أن "تصميم اسرائيل على مواصلة سياستها الاستيطانية رغم دعوات المجتمع الدولي، يهدد امكانية تحقيق حل الدولتين، كما أنه يشكك بشكل جدي في التزامها بالاتفاق الذي جرى التفاوض عليه مع الفلسطينيين". واكد أن "المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي". واحتلت اسرائيل القدس الشرقية في 1967 وأعلنت ضمها في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي الذي يعتبر الاستيطان الاسرائيلي في كل الاراضي الفلسطينية المحتلة غير شرعي وفقا للقانون الدولي. وبعض هذه المستوطنات قد أزيل وأكثرها بقي وعدد كبير منها قيد البناء. حاليا تنحصر هذة المستوطنات في الضفة الغربية و القدس الشرقية، ومرتفعات الجولان. أيضا كانت توجد مستوطنات يهودية في سيناء وقطاع غزة حتى اخليت مستوطنات سيناء بعد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، واخليت مستوطنات القطاع في عام 2005 بموجب خطة فك الارتباط الأحادية من جانب اسرائيل. وقامت اسرائيل بتفكيك 18 مستوطنة في شبه جزيرة سيناء في عام 1982، وكل المستوطنات في قطاع غزة (21 مستوطنة) و 4 مستوطنات في الضفة الغربية في عام 2005. ولكنها لا تزال تعمل على توسيع مستوطناتها وانشاء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية، بالرغم من إدانة 158 دولة من أصل 166 لهذة التجمعات الاستعمارية في تصويت بالأمم المتحدة، وإدانة 160 دولة من أصل 171 دولة في تصويت آخر بنفس المنظمة. وتجمدت المفاوضات بين الجانبين في الأعوام الأربعة الماضية، ويرجع ذلك لحد كبير إلى بناء إسرائيل المستوطنات في المناطق المحتلة. ويقول الفلسطينيون إنه لا جدوى من المفاوضات بينما تستمر إسرائيل في توطين مواطنيها في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وأدت توقف المفاوضات إلى توقيع فلسطين على الانضمام لـ15 معاهدة واتفاقية دولية، في خطوة نددت بها تل أبيب وهددت باتخاذ عقوبات ضدها. ويعيش نحو 500 ألف إسرائيلي في مستوطنات يعتبرها المجتمع الدولي غير قانونية وغير مشروعة. ويعيش عدة آلاف من المستوطنين في مستوطنات غير قانونية وعدت اسرائيل بتفكيكها. وتعتبر اسرائيل القدس بشطريها عاصمتها "الابدية والموحدة" في حين يرغب الفلسطينيون بجعل القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة.