أبدى موقع بي بي سي عربي صورة تحليلية مغايرة لما يحدث في اليمن من خلال وجهة نظر ديفيد روبرتس وكينغز كوليج، محرريها بلندن تحت عنوان إلى أي مدى يؤجج التنافس السعودي – الإيراني الحرب في اليمن؟ ويصف المحرران أن حرب المملكة العربية السعودية، القوة السنية، في اليمن على أنها حرب بالوكالة مع منافستها الإقليمية الشيعية إيران. ويقول التحليل إن السعودية تنظر إلى تنامي النفوذ الإيراني في كل مكان، ولذلك دخلت حرب اليمن ،لكنها لم تدرك تعقيدات السياسة الداخلية في اليمن، ولذلك لن تؤدي على الأرجح إلى نهاية ناجحة، خاصة أنها لم تحقق أهدافها المعلنة بعد. ويكمل التحليل أن لقب الحوثي، وهو في الأصل إسم قبيلة، بالطائفة الزيدية من المسلمين الشيعة، وهكذا، بتبسيط مفرط إن لم يكن خاطئا يربطون بمذهب الشيعة "الإثني عشرية" الذي تدين به غالبية الشيعية وإيران على وجه الخصوص. ولذلك ينبغي الاشارة إلى انه ليس كل الحوثيين زيدين، وليس كل الزيدين حوثيين. وثانيا، تعد الزيدية من أقل الفرق الشيعية اختلافا مع عقيدة اهل السنة. وأيا كان التشابة العقائدي بين الحوثيين وإيران، ثمة مفهوم ضمني بأن أية قواسم مشتركة تهم. وسواء كانوا متحدين اسميا او مختلفين في العقيدة، فان ذلك نادرا ما يكون عاملا حاسما في الفعل كما يتصور بشكل ساذج. ولا شيء من هذا (يقود) لتجاهل القواسم المشتركة بين إيران والحوثيين. فكلاهما يجاهر بشدة وبصخب بنزعته العدائية ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، كما أن ثمة أمثلة واضحة لتعاون الحوثيين بطرق ما مع إيران في السنوات الأخيرة. فبعد يوم من استيلاء الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء، فبراير ، وقعوا اتفاقا جويا مع إيران، وهبطت طائرة تابعة لشركة طيران ماهان الإيرانية في مطار صنعاء. لكن وصم الحوثيين بأنهم "مدعومون من إيران" بهذه البساطة، يحجب الطابع المحلي للصراع الذي سبق الربيع العربي. فقد حكم الزيديون أجزاء من اليمن لما يقرب من ألف عام تقريبا وحتى 1962، وكانوا يحظون بدعم المملكة العربية السعودية في فترة السبعينيات. لكن الحوثيين، الذين ظهروا بعد ذلك كحركة صحوة للطائفة الزيدية في أعوام التسعينيات، خاضوا سلسلة من الحروب في الفترة بين 2004 و2010 ضد الدولة المركزية اليمنية المدعومة من السعودية، والتي كان يقودها الرئيس السابق على عبدالله صالح وهو زيدي أيضا. وهو ما يعني أن دور الطوائف الدينية كان ثانويا بشكل مدهش في الماضي، حتى تعمق بسبب محاولات المملكة العربية السعودية نشر نسختها المتشددة من الإسلام السني في اليمن، في فترة التسعينيات على وجه الخصوص. و يعتقد الحوثيون أن مثل هذه السياسات وضعت لزيادة تهميش موقفهم، نظرا لقاعدتهم التاريخية القوية في محافظة صعدة على الحدود اليمنية مع السعودية. ونظرا للحروب العديدة التي خاضها الحوثيون ضد القوات الحكومية، فإنهم حصلوا على كل التدريب والخبرة القتالية التي يحتاجونها لهزيمة القوات السعودية عندما حاولت دخول اليمن عام 2009، ومن الواضح أنهم يبلون بلاء حسنا ضد الحملة الجوية الحالية التي تشنها السعودية وحلفاؤها. وربما يكون الأكثر أهمية، هو أن سنوات الحرب الطويلة أغرقت اليمن بالأسلحة. وهناك الكثير من الاتهامات بأن إيران تمد الحوثيين بالأسلحة، وبعض هذه التقارير تفتقد المصداقية، مثل إصرار قناة العربية المملوكة للسعودية على وصول 185 طنا من الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين، مخترقة القوات التي تحاصر سواحل اليمن حاليا. وهناك قصص أخرى أبعد ما تكون عن المعقول فيما يتعلق بنقل الأسلحة الإيرانية، ومنها اعتراض مركب شراعي إيراني في طريقه لليمن عام 2013 محملا بمعدات عسكرية متقدمة. في حين أشار تقرير لمجلس الأمن الدولي بأن تحقيقا مستقلا لم يؤكد هذه المزاعم، لكن تقريرا لم يصدر بعد خلص إلى أن ظهور شكل من الدعم الإيراني للحوثيين. ومع ذلك فإن المشكلة المزمنة مع مثل هذه الحالات هي أن أدلة التورط الإيراني غالبا ما تأتي من مصادر لديها مصلحة في توصيل هذه الفكرة: سواء من السعودية أو اليمن أو الجانب الأمريكي. وبالرغم من الدعم الخارجي، فهناك مصدر واضح للأسلحة التي وصلت للحوثيين بفضل الاتفاق الجديد مع عدوهم السابق، علي عبدالله صالح، والذي بدا أنه ساعدهم للاستيلاء على العاصمة صنعاء في خريف 2014. وهو ما منحهم الفرصة لمساعدة أنفسهم بالحصول على كميات غير محددة من الأسلحة الأمريكية من قواعد الجيش التي سيطروا عليها بسهولة. وعموما، فإن الترديد المستمر لمنطق "مقاتلو الحوثي المدعومين من إيران" يمثل إشكالية لأنه يبسط الصراع أكثر من اللازم، ويظهر الكثير جدا من التركيز على الخارج. وإذا كانت إيران هي المصدر الرئيسي للإمدادات، عندها فإن حملة جوية لتدمير مخازن الأسلحة ومنع إعادة التزود بها قد يكون أمر له معنى. لكن هذا المنطق في موضع اختبار صعب بسبب عدم انهيار الحوثيين بالكامل في وجه الهجوم. وبالمثل، فإن الحاجة الملحة لمكافحة الحوثيين خشية نمو قوة افتراضية تحارب بالوكالة عن إيران في شبه الجزيرة العربية منح تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب فرصة مجانية لتوسيع نطاق سلطته. ونجح التنظيم مؤخرا في إعادة تقوية معاقله في منطقة المكلا، جنوبي محافظة حضرموت، والإستيلاء على مطار وقاعدة عسكرية وسجن وتحرير عشرات السجناء بينهم قادة بالتنظيم. ومازالت الولايات المتحدة تضع القاعدة على رأس أهدافها في اليمن، وسيؤدي هذا التحول في الأحداث بلا شك إلى دفع واشنطن إلى إعادة النظر في تقديم الدعم المفتوح للسعودية في حملتها. ولن يكون الأمر مفاجئا، إذا كانت التحذيرات الأمريكية من نتائج الحملة وتمكينها لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب قد لعبت دورا في إعلان السعودية إنهاء الحملة الجوية في 12 أبريل 2015. إن اللجوء إلى القصف كحل قصير الأمد للفوز في الحرب بدلا من اعتماد خطة استراتيجية مقنعة، لا يبعث على الأمل في المستقبل القريب. لكن الانطباع بأن دول الخليج العربية بقيادة السعودية تنهج ببساطة سياسة ارتجالية في اليمن أصبح أمراً لا يمكن تجاهله.