الملف النووي الإيراني هو البند الوحيد على أجندة اللقاء المرتقب اليوم بين الرئيس الأميركي وممثلي دول الخليج، وكان باراك أوباما قد وجه دعوة لهذا اللقاء في كامب ديفيد في رمزية على الحفاوة والدفء الذي سيلقاه ضيوفه في هذا المنتجع الرئاسي، جاءت تلك الدعوة بعد الإعلان عن الاتفاق الإطاري بين إيران والدول (٥+١) في جنيف قبل حوالي الشهرين. تقول الولايات المتحدة إن إيران ستكون أقل خطورة بعد الاتفاق النووي، كيف سيتحقق ذلك؟ حقيقة لا نعرف، ويقول الرئيس أوباما في حواره مع نيويورك تايمز الشهر الماضي إن الخطر على الدول العربية ليس من طهران بل من داخلها على حد قوله! في ذات الإطار لا يفوّت الرئيس حديثاً أو اتصالاً إلا ليؤكد على التزام بلاده بأمن الخليج والدفاع عنه، وهي مسؤولية عاصمة القرار العالمي، لكن ذلك لا يعني في المدى الاستراتيجي وفي ظل اختلال المشهد وارتباكه إلا وعداً يقطعه رئيس أميركي، سيترك مقعده العام المقبل. والرئيس أوباما نفسه قد قطع وعوداً ووضع خطوطاً حمراء في السابق حول أحداث في المنطقة بما فيها الملف النووي وغض الطرف عنها لينتقل لتسويات وحلول سياسة أخرى. ومنذ حوالي أسبوعين تحاول واشنطن بعث رسائل تطمينية مضمونها تأمين دول الخليج من أي مخاطر قد تطال أمنها، لأجل ذلك بدأت تروج إلى حزمة من الإجراءات الدفاعية عبر تطوير الأنظمة الدفاعية وتسهيل نقل التكنولوجيا وتعزيز التدريبات العسكرية ومكافحة الإرهاب. بالتزامن مع ذلك بعثت دول الخليج رسالة سياسية إلى واشنطن عندما دعت في قمة عقدت في الرياض الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي كان للتّو قد فرغ من توقيع صفقة عسكرية بموجبها تزود فرنسا قطر ب(24 طائرة رافال)، ويبدو أن باريس قادرة على الدفع بتعاون أكبر مع دول المنطقة في مجال الدفاع العسكري ومتحمسة للقيام بذلك وهي قادرة مع الفائض العسكري الموجود لدى الدولة الفرنسية وتريد مشاطرته مع حليفها الخليجي. كما أن أجندتها في التفاوض النووي متطابقة مع دول التعاون، وذات التعاون العسكري تطرحه بريطانيا، يدلل ذلك على أن أمن الخليج هو مطلب دولي وليس أميركياً فقط، وأن الخطر الإيراني لا يهدد الدول الخليجية والإقليمية بل هو تهديد عالمي، وأن المعطيات والإشارات التي تبعثها طهران لا توحي بأنها ستكون أقل خطورة بعد الاتفاق النووي بل ستغدو أكثر شراسة وستصبح قدوة لقوى الشر بأن تحذو حذوها، وإن كان الرئيس الأميركي يؤمن بأن على محور الشر أن يسقط وأن ذلك يأتي من خلال تدجين تلك القوى فإن ذلك بالضرورة يجب ألا يتم على حساب الحلفاء. تطلع وأمل والتزام كان هذا هو فحوى الاتصال الذي جرى بين خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس أوباما، أَمل أن تؤدي مباحثات (5+1) لمنع إيران من صنع سلاح نووي، والتزام أميركي بأمن الخليج، وتطلع لنقلة نوعية بعد كامب ديفيد، وإن كان هذا المنتجع لا تربطه مع العرب ذكريات جملية. * نقلا عن "الرياض"